الدراما العربية لـ رمضان 2022 هروب المشاهد وانحلال وأوهام بالإجرام ضمن 125 عملاً ! 1من 2

بقلم جهاد أيوب

2022.04.21 - 05:38
Facebook Share
طباعة

 # لم يعد بالإمكان تطورها في حضرة المنتج المتأمر عليها

# في عصر المتغيرات نجد الدائرة السياسية تتحكم بها

# الفنان الخائف على شيخوخته يتنازل بالشكل وباللفظ وبالمضمون

# الرمزية في العرب ماتت والواقعية تعني البشاعة وبلادنا تتجمل من أجل الكذبة

  لم يعد بالإمكان تطور واقع الدراما العربية الرمضانية في حضرة غالبية صناعها في هذه المرحلة الحرجة من تاريخ بلاد العرب والمسلمين، وفي حضرة مجموعة كبيرة من منتجين يأتمرون داخل اللعبة السياسية التي أصبحت تتحكم بكل شاردة وواردة في الدرامة حيث تنبهت إليها كمشاريع تمرر من خلالها الرسائل السياسية المرجو منها اشغال الناس أو تخديرها، والأهم تسطيحها، وقلما نجد فيها من يعتبر الدراما حالة ثقافية تنويرية تربوية، وإذا وجِدوا لا يعرفون تسويق اعمالهم المُتزنة، وربما يعطونها لمن لا يفقه باللعبة الانتاجية والفنية، فتكون النتيجة مسخاً مشوهاً!

وفي هكذا حال نجد أن مقولة الفن للفن أصبحت بايخة، ومن عالم محنط، وفيها الكثير من الاستخفاف بعقولنا، ولا لزوم لها إلا في عقل المغفلين ونحن نعيش في هذا العصر...عصر المتغيرات المرسومة بدقة السياسة!

وأيضاً وجود نجوم همهم المال والشهرة حتى لو كانت على حساب الوطن والأخلاق بحجة "هذا فن" مع إننا في شهر رمضان، ونجومنا يستعدون لفعل كل ما هو خادش بالشكل وبالمعنى واللفظ والمضمون، وفي غرف النوم بكل تفاصيلها، وفي قلب حقائق هي واضحة أمامهم، ولكن عقدة الشهرة تعمي البصر والبصيرة ما دامت العملة بالدولار!

 

       ▪ سجن رمضان!

   ونُشدد على كلمة "شهر رمضان" بما حملوه من اعمال درامية "رمضانية" فقط، لكونها تسجن تعمداً في هذا الشهر دون سواه، ويستهلكونه بكل ما حملت أفكارهم من إرهاب وغدر وخيانات ومافيات وقتل وشهوات، ومشاهد عارية وبارات وخمور ومحرمات، والأخطر الاتيان بقصص شاذة، ومقحمة من ولادة الخطيئة لا أم ولا أب ولا أقارب لها، ولا علاقة تربطها بالواقع إلا من خلال إيقاف الواقع بحجة الحرية الشخصية التي تنعكس على الحرية الإبداعية، هذا إذا وجدت الأخيرة!

إن صُناع الدراما في بلادنا يبحثون عن الربح التجاري المالي السريع دون الالتفات إلى ما صنعت ايديهم، لاعتقادهم أن الفرصة لا تعود مرة ثانية، والفنان بدوره يخاف من مستقبله وشيخوخته في أمة لا مستقبل فيها وللمبدعين فيها، وكثير من كبارنا ماتوا على أبواب المستشفيات، ومن الإهمال وجحود الدولة، ويعتبر تنازله فرصة لتحويشة العمر بالدولار!

وهذا يندرج على الإعلام والإعلامي والناقد إذا وجد، فكيف سيستمرون بالعيش والعمل إذا قالوا الحقيقة ولم يتنازل احدهم؟

وكيف سيعيشون إذا حملوا القضية الحق، ومن حولهم يضعون ضوابط التجاهل والاقتناص منهم بسبب جرأتهم وحريتهم المسؤولة، فيضيعون هنا، ويذهبون إلى هناك حتى يستمروا في عيش داخل بلاد تدعي العيش من باب التجميل، وتتجمل من أجل كذبة العيش!

 

    ▪ دراما بلادنا!

    كيف ستعمل دراما بلادنا على تطوير ذاتها وهي مسكونة بالخوف من المقبل، وبأفكار غرائبية، يسودها السواد الأعظم، والغاية منها التلاعب بالعقول، ونسف الموروث الديني والاجتماعي والأخلاقي بما حمل، أي لا بد من قصة عجيبة تكون شريكة في الهدم يقبلها المنتج، والمنتج المنفذ إرضاء لسياسة فضائيات همها إرضاء مشاريع سياسة لزعامات همها تغيير شعوب بلادها بحجة إرضاء من يتحكم بهم وبمشاريع الانسلاخ عن الذات، والأخطر من كل ذلك أن النصوص الدرامية أصبحت مجزأة حسب الطلب، ولا وجود للنص المحتمل، بل يكتب قبل دقائق من التصوير، وبمزاجية البطل والبطلة، وإلغاء خطوط درامية على حساب خطوط مقحمة لا لزوم لها...هيك صارت دراما العرب!

لم يعد الفن في العرب غايات جمالية، ولم يعد مشاريع ترفيهية، ولا يحمل قضية وطنية، فالغايات الجمالية نسفتها كذبة نقل الواقع كما هو، وكلما نقلت النفايات والوسخ وكل ما هو بشع في فنك من بلادك يعني أنت المبدع الأول، وقد تحصل على جوائز من بلاد الغرب، والمشكلة هنا في كيفية نقل الواقع فهل ينقل بفجور أو بسلاسة تعبيرية رمزية أو بإعدام للمكان ولمن فيه وللواقع؟

في دراما بلادنا اليوم ننقل الواقع بكل قذارته دون الحقيقة، والحقيقة يلعب فيها المنتج المسيس، والفنان كي يرضي هكذا منتج يعمل على نقل فجور الفجور، وبشاعة البشاعة!

والترفيه في دراما غالبية دول العرب والإسلامية وليس كلها أصبحت تعيش على تقديم اللهو بكل فصوله مهما كانت خادشة، وأن يتصرف السائح وحتى المواطن على سجيته حتى لو تعرى، المهم أن لا يقترب من المشاريع السياسية في نظام بلاده، ولا أن يتدخل، ولا يُسمح لصوته أن يصل إلا ضمن دائرة مرسومة مسبقاً من أجل البقاء وأكل العيش!

الدراما في بلادنا ممنوع ان تحمل قضية وطنية إلا من باب العنصرية والتطرف، ومن غير المسموح بالتطرق إلى تاريخ البلاد الحقيقي والاحداث القديمة والمعاصرة التي حدثت منذ أيام بواقعية وبصدق، بل كما يشتهي النظام السياسي في تزوير التاريخ والحقيقة، "ولفلفها ما منا مشاكل مع الجار"!

 

      ▪ الرمزية الغائبة

   ما ذكرناه غيب الرمزية عن قصد في الفن وفي الدراما حتى لا نوجع رأسنا مع الرقيب، وهي بقيت قليلاً في الأدب " الوحيد عليه رقابة مخيفة"، ولهذا الأخير زاوية خاصة وشائكة سنخوض فيها قريباً.

 

 

لا رمزية يتحرر في داخلها الكاتب الدرامي والمخرج الناجح المشغول بالتفوق، ولا واقعية لكل حياتنا وماضينا رغم الإنتاج الضخم لأعمال تافهة على حساب الإنتاج الفقير لقضايا مصيرية، ومنها شكل انعطافة في تاريخنا! 

أقصد على عمل تافه مثل "كاميرا خفية" متفق عليها في لعبة مغامرات ممثل فاشل مع زملاء له يرصد لهكذا سذاجة الإنتاج الضخم جداً جداً لمدة عشر سنوات مقبلة، ولا يصرف لعمل مهم إلا القليل القليل من الشح الفقير...لذلك اغتيال الواقع في الدراما العربية هو المطلوب والمقصود، وتقديم رمزية هادفة وعميقة وصارخة لم تعد مقبولة!

أو يصرف مليارات من الدولارات على برنامج حواري سياسي عنصري يقلب الحقائق، ويزيد من تقسيم ما هو مقسم، ويساهم في زرع نية الحقد والقتل!

لذلك الرمزية في العرب والمسلمين ماتت، والواقعية يراد منها زرع البشاعة وتقوقع المشاهد، والخوف من حاله، ومن مستقبله، وليس غريباً جراء ما يقدم له ان يعيش هذا المشاهد الصمت أو الإرهاب على كل ما هو من حوله، الإرهاب في علاقاته العاطفية العديدة، الإرهاب في كتاباته التي يستخدمها في السوشال ميديا وهي ليست عربية بل لاتينية، الإرهاب في قضاياه الدينية المتطرفة، الإرهاب في تعصبه لنجمه في الغناء والتمثيل، الإرهاب في عشقه لكرة القدم، وهنا قد يعلن الحرب الدامية حتى مع شقيقه، الإرهاب في اختار الوان ملابسه شكلاً وعرياً...ولا ننسى الإرهاب السياسي!

ولا عجب أن نجد الكم الدرامي على حساب الكيف، هو المطلوب كما حددت ورسمت معالمه، أي ضمن دائرة ضيقة، ويقنعون الناس من خلال لعبة التسويق الذكية إنها حرة ومنفتحة ضمن لعبة الحرية، والنتيجة كما حالنا هذا العام حيث وصل بعض الانتاج العربي إلى أكثر من 125 عملاً عربياً شبه استنساخي في التعري، والجسد الماجن، والتسطيح الفكري، وكثرة الدماء، وتبرير الخيانة والغدر، وتبني الجرأءة، ويا ليتها جرأة، بل هي قلة أدب ووقاحة!

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 10