مقارنة بين العقوبات الغربية على روسيا ومطالب BDS ضد "اسرائيل"

2022.03.14 - 07:34
Facebook Share
طباعة

 v1. أوروبا والولايات المتَّحدة والاحتشاد لمعاقبة روسيا:

          أشار موقع "commons library", أنَّ الفترة التي سبقت الأزمة في أوكرانيا، حذَّر الحلفاء الغربيُّون روسيا من أن أي انتهاك لوحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها سيقابل بإجراءات اقتصادية غير مسبوقة, وفي 24 فبراير 2022م، عبرت القوات العسكرية الروسية الحدود إلى أوكرانيا, واستجاب الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وحلفاء آخرون بفرض عقوبات منسَّقة كبيرة, تستهدف القطاع المالي الروسي والقطاعات الاستراتيجيَّة للاقتصاد[1], وقال "Ariel Cohen" زميل أول في المجلس الأطلسي, والمدير المؤسِّس لتحليل السوق الدولي, في تقرير لموقع "Forbes", أنَّ تلك العقوبات تهدف إلى عزل روسيا عن السلع الأساسيَّة عالية التقنية, ووصف العقوبات بالمؤلمة ضد موسكو، والتي استهدفت مشاريع الطاقة مثل نورد ستريم 2، وقيود تجارية للديون الروسية، وتدفق السلع عالية التقنية بما في ذلك المتقدِّمة, وشرائح الكمبيوتر, وفرض عقوبات على أشباه الموصِّلات ومنتجات التكنولوجيا الفائقة, والمؤسسات المالية الروسية. كما انضمت الدولة إلى عدد من الدول الأخرى في طرد بعض البنوك الروسية من نظام الدفع [2]SWIFT.
          وأشار تحليل موقع "Indian express" أنَّ القيود الجديدة التي أعلنتها الولايات المتَّحِدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة, للبنك المركزي الروسي, ستحد من قدرة الكرملين على الوصول إلى أكثر من 600 مليار دولار من الاحتياطيات, وإذا كان الغرب قادرًا على تنفيذ قيود البنك المركزي بالشكل الذي يهدف إليه، فسوف يشل ذلك قدرة روسيا على الحفاظ على قيمة الروبل من الانهيار وسط تشديد العقوبات الغربيَّة[3].
          وأشار موقع "white house" أنَّ الاقتصاد الروسي واجه بالفعل ضغوطا مكثفة في الأسابيع الأخيرة؛ اليوم فقط هبطت سوق الأسهم لديها إلى أدنى مستوى لها في أربع سنوات ونصف، وتراجع الروبل متجاوزًا أضعف سعر تسوية يومي على الإطلاق, ومع هذه الإجراءات الصارمة الجديدة، ستزيد هذه الضغوط من تراجع النمو الاقتصادي لروسيا، وزيادة تكاليف الاقتراض، وزيادة التضخم، وتكثيف تدفقات رأس المال الخارجة، وتقويض قاعدتها الصناعيَّة[4].
2. العقوبات الغربيَّة "قنبلة نووية" اقتصاديَّة ضد روسيا:
          حسب تقرير "economist" لم يتعرض أي اقتصاد كبير في العالم الحديث لضربة شديدة بمثل هذه الأسلحة "الاقتصاديَّة"[5], الذي وصفتها بالقنبلة النوويَّة الاقتصاديَّة, حيث نشرت صحيفة "الفاينانشال تايمز", تقريراً عن تلك العقوبات ووصفتها بأنَّها لم تترك أو تستثني أحد, حيث شملت, تجميد أصول الرئيس فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرجي لافروف، وزير الخارجية الروسي، حيث خضعا لتجميد الأصول في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وسويسرا واليابان وكندا, وسيرجي شويغو، وزير الدفاع الروسي، وألكسندر بورتنيكوف، رئيس جهاز الأمن الروسي (FSB)، وفاليري جيراسيموف، قائد القوات المسلحة الروسية، والبرلمان الروسي, ومجلس الأمن الروسي, وكيريل شامالوف، أصغر ملياردير روسي تزوج سابقًا من ابنة بوتين كاتارينا، وبيتر فرادكوف، رئيس Promsvyazbank وابن الرئيس السابق للاستخبارات الخارجية الروسية، ودينيس بورتنيكوف، نائب رئيس VTB ثاني أكبر مقرض في روسيا ونجل رئيس FSB، ويوري سليوسار، مدير شركة يونايتد إيركرافت، وإيلينا جورجيفا، رئيسة مجلس إدارة نوفيكومبانك، وجينادي تيمشينكو، سادس أغنى حكم في روسيا الذي يسيطر على شركة الاستثمار الخاصة مجموعة فولجا, وبوريس روتنبرغ، الأوليغارشية الذي شارك في ملكية "SMP Group"، أكبر شركة إنشاءات لأنابيب الغاز في روسيا، وأليكسي مورداشوف، رجل أعمال وملياردير، هو رئيس "Severgroup"، وأحد المساهمين في Bank Rossiya, الذي يعتبر البنك الشخصي لكبار المسؤولين الروس, وسيرجي تشيميزوف، الرئيس التنفيذي لشركة الدفاع Rostec، وزوجته وابنه وزوجته, وفيوليتا وليوبوف بريجوزينا، والدة وزوجة يفغيني بريغوزين، الذي يقول الاتحاد الأوروبي إنه مسؤول عن إرسال مرتزقة مجموعة فاغنر إلى أوكرانيا، وسيرجي إيفانوف، وهو مسؤول روسي كبير وسياسي خدم سابقًا في الكي جي بي، ونجله سيرجي، الرئيس التنفيذي لشركة تعدين الألماس الروسية المملوكة للدولة, وعضو مجلس إدارة جازبرومبانك، كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي، وابنه، أندري، الرئيس التنفيذي السابق لشركة غازبروم, والعديد مم كبار المسؤولين التنفيذيين في البنوك المملوكة للدولة, وميخائيل فريدمان، المؤسس المشارك وأحد المساهمين الرئيسيين في Alfa Group، و Petr Olegovich Aven، مساهم آخر مهم في Alfa، وكذلك سيرجي بافلوفيتش رولدوغين، المعروف في موسكو باسم "محفظة بوتين"، وألكسندر بونومارينكو، رئيس مطار شيريميتيفو الدولي, وعقوبات على السكرتير الصحفي لبوتين، دميتري بيسكوف، والسياسي أندريه تورتشاك، ونائب رئيس الوزراء للسياحة والرياضة والثقافة والاتصالات، دميتري نيكولايفيتش تشيرنيشينكو, وسبعة أشخاص يعملون في صناعة الإعلام الروسيَّة, بما في ذلك مقدم البرنامج التلفزيوني تيغران كوزيان، ومقدمة البرامج الحوارية أولغا سكابييفا، ورئيس تحرير وكالة ريجنوم للأنباء، موديست أليكسييفيتش كوليروف, ونائب الأدميرال في أسطول البحر الأسود سيرجي ميخائيلوفيتش بينتشوك، ونواب قادة المنطقة العسكرية الجنوبية أليكسي يوريفيتش أفدييف ورستم عثمانوفيتش مرادوف، والفريق أندري إيفانوفيتش سيشيفوي, والبنك المركزي الروسي, وبنك سبيربنك, وبنك VTB, وبنك Rossiya وPromsvyazbank,ووضع قيود جديدة على الديون والأسهم على البنك الزراعي الروسي، وبنك الائتمان في موسكو، وجازبرومبانك, وشمل الحظر أيضاً Rostec  أكبر شركة دفاعية في روسيا, وUralvagonzavod أكبر مصنع للدبابات في العالم, وشركة الصواريخ التكتيكية, وشركة الطائرات المتحدة, وشركة بناء السفن المتحدة, وشركة تصنيع الأسلحة ألماز-أنتي، وصانع الشاحنات كاماز، وميناء نوفوروسيسك التجاري البحري، وروستيك، والسكك الحديدية الروسية، وصانع الغواصات النووية سيفماش، وشركة الشحن الهيدروكربونية سوفكوم فلوت، وشركة بناء السفن المتحدة. وصناعة الغاز شركة التأمين Sogaz, ووكالة أبحاث الإنترنت, وأكبر شركة للغاز الطبيعي في العالم غازبروم، وغازبروم نفت، ومجموعة خطوط أنابيب النفط Transneft، وواحدة من أكبر شركات الطاقة الروسية RusHydro, والسكك الحديدية الروسية, وأكبر مشغل اتصالات في البلاد Rostelecom، وأكبر شركة تعدين الماس في العالم Alrosa, وغيرها الكثير من العقوبات[6].
3. محدِّدات المواجهة الروسيَّة للعقوبات:
          حسب موقع "Jpost", فإنَّ بوتين قال متحدثا إلى مجموعة من مضيفات الطيران في مركز تدريب "إيروفلوت" بالقرب من موسكو "هذه العقوبات التي يتم فرضها تشبه إعلان الحرب ولكن الحمد لله لم تصل إلى ذلك"[7], فعلى الطرف الآخر ستعمل روسيا على امتصاص العقوبات, عبر سياسة التوجُّه شرقاً, حيث قال "Bethany Allen-Ebrahimian" في موقع "Axios", أنَّ العقوبات ستزيد من اعتماد روسيا الاقتصادي الكبير على الصين, وبالتالي يمكن لموسكو أن تخفِّف من حدَّة تأثير العقوبات من خلال تعميق تحالفها المتزايد مع بكين، ما يمنح كلا البلدين مزيدًا من النفوذ في خلافاتهما مع الغرب, حيث قالت الحكومة الصينيَّة في بيان إنَّها تدعم بقوة "احترام وحماية سيادة ووحدة أراضي جميع الدول"، بما في ذلك أوكرانيا، لكنَّها "لم تصل إلى حد إدانة الغزو الروسي، وانتقدت فرض عقوبات على روسيا", وكذلك في الأسابيع التي سبقت الغزو، رفعت بكين القيود المفروضة على واردات القمح من روسيا, ووقعت صفقة مدَّتَها 30 عامًا لشراء كميَّات متزايدة من الغاز الروسي, ما يشير إلى أن سوق الصين الضخم ينفتح أكثر على روسيا, كما أشار التحليل أنَّ الصين وروسيا وقَّعا مؤخرًا العديد من صفقات الطاقة, التي تقع إلى حد كبير خارج النظام المالي الدولي القائم على الدولار الأمريكي، باستخدام اليوان الصيني، وذلك حسبما ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز"[8], بالإضافة إلى ذلك، قامت روسيا والصين أيضًا ببناء نسختهما الخاصة من نظام المدفوعات، والتي يمكن أن تكون بمثابة حل بديل, ويقول بعض المحلِّلين إن هذه الشبكات يمكن أن تنمو فعليًا وتستفيد من أي أعمال روسية إضافية يمكن إعادة توجيهها بعيدًا عن SWIFT, وأشار تحليل موقع "Indian express", أنَّ الولايات المتَّحِدة نجحت من قبل في إقناع نظام SWIFT ومقره بلجيكا بطرد دولة - إيران، بسبب برنامجها النووي, لكن طرد روسيا من نظام SWIFT قد يضر أيضًا باقتصادات أخرى، بما في ذلك اقتصادات الولايات المتحدة وحليفها الرئيسي ألمانيا, وحسب تحليل "Larry Elliott" في "الجارديان", إنَّ استبعاد روسيا من سويفت سيضر الغرب أيضًا[9].
          كما تُعد روسيا أيضًا من أكبر المتلقين للقروض من المؤسسات المالية الصينيَّة، حيث تلقت 151 مليار دولار بين عامي 2000 و 2017م, وشهدت جولة سابقة من العقوبات الغربية بشأن ضم روسيا لشبه جزيرة القرم عام 2014 إعادة توجيه روسيا لاقتصادها نحو الصين، حيث وقَّعت صفقة بقيمة 400 مليار دولار, لإرسال الغاز إلى هناك وزيادة التعاون حول البنية التحتية والتكنولوجيا, وتقول "ماري لوفلي" من معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي: "يمكنهم الحصول على أي شيء يريدون من الصين, باستثناء التكنولوجيا العالية", إن أشباه الموصلات المتقدمة وغيرها من التقنيات الناشئة هي بالضبط ما تستهدفه الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من خلال ضوابط التصدير على أشباه الموصلات التي تنضم إليها اليابان وتايوان أيضًا, وتوفر الصين 70٪ من إمداد الرقائق لروسيا ويمكن أن تساعد روسيا في التهرب من العقوبات المفروضة على التقنيَّات الحساسة مثل الرقائق[10].
          وعن جدوى العقوبات, قال " "Hannah Brentonو""Johanna Treeckفي موقع "Politico", أنَّ البنوك الروسية الرئيسيَّة في مرمى نيران العقوبات الغربيَّة, وعلى الأخص حزمة الإجراءات التي قدمتها واشنطن ولندن, لكن قال "توم كيتنغ"، المدير المؤسِّس لمركز الدراسات الأمنيَّة والجرائم الماليَّة في المعهد الملكي للخدمات المتَّحِدة (RUSI): "إذا سلبت السيولة من البنوك، فهذا أمر خطير للغاية", ومن المؤكَّد أن البنك المركزي الروسي، الذي يعمل على بناء احتياطياته من الذهب منذ غزو شبه جزيرة القرم عام 2014م, وتنويع موارده بعيدًا عن الدولار الأمريكي، يمكن أن يتدخل بأموال إضافيَّة لمساعدة أي مقرض متعثر.
          وقالت "أنجلينا فالافينا"، كبيرة المديرين ورئيسة الموارد الطبيعية والسلع في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني لـ Politico"" في وقت سابق: "إذا كانت هناك عقوبات على البنوك، فقد يؤدِّي ذلك إلى إضعاف الوصول المالي والمرونة المالية لشركات "النفط والغاز", مع ذلك، قالت: إنَّ شركات الطاقة الروسية العملاقة لديها تدفقات نقديَّة قويَّة, وخطوط ائتمان قائمة لتجاوز أي مشكلات قصيرة الأجل, بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ أي ارتفاع في أسعار السلع قد يفيد ميزانياتهم فقط[11].
          كما يتعامل الاتحاد الأوروبي بحذر مع قضيَّة المدفوعات أكثر من نظرائه الدوليِّين, بسبب اعتماده على النفط والغاز من روسيا, حتى عقوبات البنوك الأمريكية، رغم أنها أشد صرامة، لا تزال تسمح بدفع مدفوعات الطاقة, وقالت "جوستين والكر"، رئيسة قسم العقوبات والمخاطر العالمية في Acams"": "هذا هو أحد الأسباب الرئيسيَّة التي تجعل العديد من المحلِّلين والمسؤولين السياسيِّين حذرين للغاية بشأن سويفت", "لأن هذا يدفعنا إلى فرض حظر شامل على القيام بأي تجارة مع روسيا".
          وكذلك أشار "Jason Kirby" في موقع "the globe and mail", تمثِّل روسيا 1.6 في المائة فقط من التجارة العالميَّة، وفقًا لشركة الاستشارات "كابيتال إيكونوميكس"، وبغض النظر عن ذلك، فإن الحرب في أوكرانيا, تزعج الأسواق الماليَّة وتقدم لمحة عن الأماكن التي ستكون فيها نقاط الضغط أكبر ولا يمكن تجنبها, وأشار التحليل أنَّ العديد من شركات صناعة السيارات وموردي قطع غيار السيارات في أوروبا تضرَّر بالفعل من الآثار المتتالية للغزو والعقوبات المفروضة على روسيا, وحذرت أكبر شركة لتصنيع السيارات في أوروبا، "فولكس فاجن إيه جي"، التي علَّقت بالفعل الإنتاج في اثنين من مصانعها في ألمانيا، أنَّها ستضطر إلى خفض الإنتاج في مواقع أخرى، مشيرة إلى مشاكل في مورديها المقيمين في أوكرانيا[12].
          وكذلك فإنَّ الحرب بين روسيا وأوكرانيا تؤدِّي أيضًا إلى المزيد من الخراب في صناعة أشباه الموصلات في العالم، وقد كشفت عن اعتماد العالم الغربي على المنطقة للحصول على المواد الأساسية المستخدمة في إنتاج الرقائق الدقيقة, وعلى سبيل المثال ، 90 في المائة من النيون في الولايات المتحدة من فئة أشباه الموصلات، وهو أمر بالغ الأهمية بالنسبة لأجهزة الليزر المستخدمة في صناعة الرقائق، يأتي من روسيا، ويتم تنقية 60 في المائة من ذلك بواسطة شركة واحدة في أوكرانيا، وفقًا لشركة Techcetفي سان دييغو.
 
 
          وفي تحليل عن تأثير العقوبات قال "Sylvanus Kwaku Afesorgbor" في تحليل له على موقع "the conversation", أنَّه على الرغم من استخدام العقوبات الاقتصاديَّة على نطاق واسع، إلَّا أنَّ فعاليتها غالبًا ما تكون موضع نقاش, حيث خلصت الأبحاث الحديثة حول العقوبات بشكل عام إلى أن العقوبات الاقتصاديَّة نادراً ما تغيِّر السلوك، خاصة تلك التي تهدف إلى تعطيل التدخلات العسكريَّة, إذا تم النظر إلى الأمن القومي على أنه على المحك، فإن العقوبات ببساطة ليست مكلفة بما فيه الكفاية, كما أنَّّ العقوبات لم تسبب الكثير من الضرر لروسيا[13].
          وفي تحليل لـ"Gerard DiPippo" زميل أقدم في برنامج الاقتصاد في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية "Csis"إنَّه دون خط الأنابيب الروسي، سيدفع أوروبا لأن تكافح للحصول على ما يكفي من الغاز الطبيعي المسال (LNG) عن طريق البحر, وهناك مشكلة فيما يتعلَّق بالحبوب, كما أنَّ النظام المالي الأوربي والأمريكي, تُعاني بسبب جائحة كوفيد وتداعياتها, كما أنَّ العقوبات ستؤثر على الدولار, فالعقوبات ستدفع إلى تشجيع بدائل لشبكة الدولار العالميَّة, حيث أشار التقرير أنَّ بعض من شركاء روسيا التجاريِّين مثل الصين والبرازيل والهند, سيعملون إلى تسوية التجارة بالعملات المحليَّة دون لمس الدولار أو اليورو[14].
          وقال "Brian Grodsky" في موقع "the conversation", أنَّه حتى في أفضل الظروف، يمكن أن تستغرق العقوبات الاقتصادية سنوات حتى يكون لها تأثيرها المنشود, وبالنسبة للأوكرانيين، الذين يخوضون حربًا وحشية من جانب واحد، من غير المرجح أن تساعد العقوبات على تعزيز الروح المعنوية[15].
          وفي هذا الإطار قال "Adam Taylor", في "Washington post", إنَّ الخبراء والمحلِّلين لا يشعرون بالانتصار بسبب العقوبات, إنَّهم يخشون أن تكون لهذه العقوبات أضرار جانبية في روسيا وخارجها، وربما تضر بالدول التي تفرضها, حتى أن البعض قلق من أن العقوبات التي تهدف إلى ردع بوتين وإضعافه قد تؤدي في النهاية إلى تشجيعه وتقويته, بل ويمكن أن تؤدِّي العقوبات إلى تصعيد النزاعات بدلاً من خفضها, ومن الواضح أن روسيا لم ترتدع[16].
          وفي هذا الإطار قال "هنري فاريل"، أستاذ الشؤون الدوليَّة في "جامعة جونز": "كلَّما زادت قوة العقوبات، زادت احتماليَّة سعي الدول للرد بأي طريقة ممكنة للدفاع عن نفسها, ضد ما تعتقد أنه تهديد وجودي", حتى أنَّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قال في وقت سابق: "ستكون لهذه الأزمة الكبرى عواقب على حياتنا واقتصادنا", وبالتالي على المدى الطويل، من الصعب التنبؤ بالتأثير, وهذا ما توصَّل إليه "أرتيوم لوكين"، الأستاذ في جامعة الشرق الأقصى الفيدرالية في فلاديفوستوك بروسيا، حيث قال: "إنَّه من السابق لأوانه تحديد تأثير العقوبات على روسيا", وأضاف: "إنَّه كان من الواضح بالفعل أنَّها ستكون "مؤلمة للغاية" على المدى القصير، لكنَّه لم يكن متأكدًا من أنَّها ستكون كارثية أو ستكون قاتلة للاقتصاد".
العقوبات الغربيَّة على روسيا, و"BDS" إسرائيل:
          حسب صحيفة "الجارديان", تتَّهم الولايات المتَّحدة بالنفاق لدعمها عقوبات ضد روسيا ولكن ليس ضد إسرائيل, حيث يُقارن النقاد العمليات العسكرية الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينيَّة بالغزو الروسي لأوكرانيا، لكن الجماعات الموالية لإسرائيل ترفض المزاعم باعتبارها تشابهات خاطئة, وقالت "كريس ماكجريل": تواجه الولايات المتحدة وبعض حلفائها الأوروبيين اتهامات بازدواجية المعايير لدعم العقوبات والتحقيقات الدولية في جرائم الحرب ضد روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا, وعرقلتها بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينيَّة, لكن الجماعات الموالية لإسرائيل في الولايات المتَّحِدة رفضت هذه المزاعم من خلال اتهام المنتقدين باستغلال المعاناة الأوكرانيَّة لرسم أوجه تشابه خاطئة, ودعت في وقت سابق منظمة العفو الدولية الأمم المتحدة إلى فرض عقوبات محدَّدة الهدف على إسرائيل, بعد انضمامها إلى جماعات حقوق الإنسان الأخرى, في اتهامها بانتهاك القانون الدولي من خلال ممارسة شكل من أشكال الفصل العنصري, وارتكاب جريمة ضد الإنسانية في "هيمنتها" على الفلسطينيين, ويقول التقرير: هل تٌقارن تلك العقوبات بالعقوبات المفروضة على روسيا..؟[17], وفي هذا الإطار هناك وجهتين وجهتين:
أولاً). حركة مقاطعة إسرائيل "BDS" أعمق من العقوبات على روسيا:
          في هذا الإطار قالت "Mouna KallaSacranie" في موقع "Gal dem", تبيَّن أنَّ الغرب يتفهم المقاطعة والعقوبات وسحب الاستثمارات عندما يتعلق الأمر بروسيا, لكن عندما يكون المعتدي هو إسرائيل, تختلف الصورة[18], وجاء في ذات الإطار تقرير "the student room", أنَّه إذا كانت حملة BDS مجرد حملة لفرض عقوبات اقتصاديَّة على إسرائيل, من النوع الذي تم استخدامه في أعقاب ضم روسيا لشبه جزيرة القرم, إلَّا أنَّ العقوبات على إسرائيل, ذات أبعاد أكبر من العقوبات المفروضة على روسيا, ويقول التحليل أنَّ حركة مقاطعة إسرائيل متنوِّعة منها المقاطعة الأكاديميَّة, وهذا مرتبط بالجيش الإسرائيلي ومؤسسات الأكاديميَّة الإسرائيليَّة, فحركة المقاطعة تعمل على أساس أنَّه إذا كنت مرتبطًا بمؤسسة أكاديمية إسرائيلية بأي صفة، فأنت مذنب تلقائيًا, وبالتالي هدف مشروع للمقاطعة, لكن عند قراءة بنود العقوبات على روسيا, فإنَّها لا تتضمَّن أي شكل من أشكال فك الارتباط الأكاديمي.
          النقطة الثانية, ترتبط بمقاطعة المستهلك: حيث أنَّ المقاطعة, لا تميِّز بين المنتجات المنتجة في إسرائيل أو الضفة الغربيَّة، النقطة الثالثة مرتبطة بالمقاطعة الثقافيَّة: وهي سياسة أخرى لا مثيل لها في العقوبات الروسيَّة, حيث تشمل المقاطعة استضافة موسيقيِّين أو فنانين إسرائيليِّين, أو ذهبت إلى إسرائيل لتقديم عروض ما، بأيَّ صفة، فإنَّ المقاطعة تستهدفها, النقطة الرابعة ترتبط بسحب الاستثمارات, حيث أنَّ حركة المقاطعة, تُدفع بعض الكيانات لسحب الاستثمارات, وهذا يدعو إلى سحب الأسهم والأموال من الشركات المتواطئة في انتهاك القانون الدولي وحقوق الفلسطينيِّين".
          أمَّا النقطة المتعلِّقة بالعقوبات العسكريَّة والحظر العسكري, فهو أشد قوَّة, رغم ضراوته في روسيا, حيث أنَّ الحظر العسكري: لأنَّه يحظر توريد السلع ذات الاستخدام المزدوج بغض النظر عن الاستخدام النهائي, حسب تقرير "the student room", وخلص التحليل إلى نتيجة أنَّ العقوبات الروسيَّة: هي مجموعة محدودة من الإجراءات الاقتصاديَّة تهدف إلى إضعاف قوة بعض الأفراد والمؤسسات الروسيَّة, والضغط على روسيا لإنهاء احتلالها لشبه جزيرة القرم وشرق أوكرانيا, وعلى الرغم من إضعافهم للاقتصاد الروسي، إلَّا أنَّهم لا يستهدفون المدنيين الذين لا يتمتعون بقوة سياسية أو عسكرية أو اقتصادية كبيرة, ولا يزال بإمكانك التجارة مع روسيا، وإجراء التبادلات الثقافية الروسية، والتعاون مع الأكاديميين الروس, لكن لا تزال كل تلك الأمور ممنوعة بسبب نشاط حركة المقاطعة BDS""[19].
ثانياً). العقوبات على روسيا, أعمق من حركة مقاطعة إسرائيل "BDS":
          فحسب "Jonathan Ofir" في موقع "Mondoweiss" تقابل حركة المقاطعة "BDS" باتهامات لا نهاية لها بعدم الشرعيَّة، واتهامات بمعاداة السامية، وحظرت في غالبيَّة الولايات الأمريكيَّة, وفي دول أخرى كندا، فرنسا وأدانته العديد من القرارات البرلمانيَّة، بما في ذلك في ألمانيا[20], لكن وحسب الكاتب الفرق أنَّ روسيا تعتقد أنَّها تعود إلى الأراضي التي فقدتها "بشكل كارثي" أمام المكائد الغربيَّة, بينما تعتقد إسرائيل أنها تعود إلى أرضها الموعودة.
          بينما يرى "Ofir", في ""Mondoweissأنَّه في حين تُقابل المقاطعات وسحب الاستثمارات والعقوبات ضد روسيا بالتفاهم الغربي, ويُنظر إليها على أنها تُظهر العمود الفقري الأخلاقي، فإنَّ حركة المقاطعة "BDS" تم تأطيرها على أنها متعصِّبة, وحسب الكاتب أنَّه وبالمقارنة أيضاً فإنَّ العقوبات الغربيَّة على روسيا شديدة, مقارنة بحركة المقاطعة "BDS", حيث إنَّ حركة المقاطعة "BDS" تتَّخذ مقاطعة أكثر ليونة, مقارنة بروسيا, ففي أوروبا، لا يتم حظر المنتجات الإسرائيليَّة, لكن تمكَّنت أوروبا من اتخاذ الخطوة "المتطرفة" المتمثِّلة في وضع علامات على منتجات المستوطنات, بدلاً من تسويقها على أنَّها "مصنوعة في إسرائيل"، ليقرِّر المستهلك ما إذا كان سيتواطأ بشكل مباشر أم لا في تمويل جرائم الحرب, لكن الأمر مختلف عن روسيا, حيث أنَّ محلات السوبر ماركت أزالت جميع المنتجات الروسيَّة, ولكن الفارق لن نسمع أنَّ ذلك التصرف هو معاداة للسامية "حسب الكاتب"[21].
          وقال "Joseph Gedeon" في "Politico", أنَّه يوجد حوالي 35 دولة لديها قوانين وقرارات وأوامر تنفيذيَّة تقيِّد أو تحظر أي مقاطعة ضد إسرائيل, وأضاف الكاتب أنَّه في 3 مارس، قدَّم النائب لي زيلدين "جمهوري من نيويورك", "قانون مكافحة المقاطعة الإسرائيلي" وذلك بعد يوم "فقط" من تغريده قال فيها: "إنَّ على الأمريكيِّين قطع جميع واردات النفط من روسيا", وأضاف التقرير أنَّ أعضاء "مجلس الشيوخ" الأمريكي, رعاة مشتركون لقانون مكافحة المقاطعة "BDS"، وهو إجراء تم تقديمه في مجلس الشيوخ في العام 2021م, والذي كان يهدف إلى ردع وحظر مقاطعة البضائع الإسرائيليَّة، وقال المتحدِّث باسم المجلس, "الفارق هو أنَّ روسيا تغزو أوكرانيا", "ووفقًا لآخر معلوماتنا الاستخباراتيَّة، فإن إسرائيل ليست كذلك"..! وحول المقارنة, قالت "إيلين بابيت"، أستاذة حل النزاعات الدوليَّة في "جامعة تافتس"، إنَّ "قواعد الحرب تقول إنَّ استمرار الاحتلال الإسرائيلي, واستمرار المستوطنات في تلك الأراضي الفلسطينية غير قانوني", "لكن أعتقد أنَّ هناك شيئًا ما يختلف نوعيَّاً, حول حشد 150.000 أو 200.000 جندي على حدود دولة ذات سيادة, ثم العبور إلى ذلك البلد بنيَّة قطع رأس الحكومة".
          وقالت "Tamara Nassar"في موقع "electronic intifada", المهتم بالشأن الفلسطيني, أنَّ المثير للدهشة أنَّ العديد من الإجراءات المعادية لروسيا, يتم تنفيذها من قبل نفس المنظَّمات التي تجاهلت أو رفضت مرارًا وتكرارًا الدعوات الفلسطينيَّة لمعاقبة إسرائيل، على ممارساتها, حيث أنَّه لطالما طالب الفلسطينيُّون, بأن يُعاقب الفيفا اتحاد كرة القدم الإسرائيلي, بسبب إدراجه لفرق إسرائيليَّة مقرَّها في مستوطنات الضفة الغربيَّة, وهجمات إسرائيل على الرياضيِّين الفلسطينيِّين, وكذلك في مواضيع الثقافة, حُظرت روسيا في من المشاركة في مسابقة الأغنية الأوروبيَّة القادمة, حيث صرَّح اتحاد البث الأوروبي، أنَّ مشاركة روسيا "ستؤدي إلى تشويه سمعة المنافسة", لكن أقيمت مسابقة الأغنية الأوروبيَّة لعام 2019م في تل أبيب على الرغم من الدعوات المتكرِّرة, والحملة الدوليَّة لمقاطعتها, بسبب جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيِّين[22].


[1]- https://commonslibrary.parliament.uk/research-briefings/cbp-9481/
[2]-https://www.forbes.com/sites/arielcohen/2022/02/28/western-sanctions-aim-to-cut-off-russia-from-critical-high-tech-goods/?sh=7cffb9486d8b
[3]- https://indianexpress.com/article/explained/explained-worlds-sanctions-russia-ukraine-7792829/
[4]- https://www.whitehouse.gov/briefing-room/statements-releases/2022/02/24/fact-sheet-joined-by-allies-and-partners-the-united-states-imposes-devastating-costs-on-russia/
[5]- https://www.economist.com/briefing/2022/03/05/western-sanctions-on-russia-are-like-none-the-world-has-seen
[6]- https://www.ft.com/content/6f3ce193-ab7d-4449-ac1b-751d49b1aaf8
[7]- https://www.jpost.com/business-and-innovation/banking-and-finance/article-700392
[8]- https://www.axios.com/russia-ukraine-sanctions-china-economy-9957caed-21be-4fb6-ac60-c4ff50ea44c0.html
[9]- https://www.theguardian.com/world/2022/feb/22/ukraine-crisis-sanctions-against-russia-come-at-a-cost-to-the-west
[10]- https://www.axios.com/russia-ukraine-sanctions-china-economy-9957caed-21be-4fb6-ac60-c4ff50ea44c0.html
[11]- https://www.politico.eu/article/west-sanctions-russia-war-ukraine-europe-us-oil-gas-banks-swift/
[12]- https://www.theglobeandmail.com/business/article-the-collateral-costs-of-western-sanctions-on-russia/
[13]- https://theconversation.com/economic-sanctions-will-hurt-russians-long-before-they-stop-putins-war-in-ukraine-178009
[14]- https://www.csis.org/analysis/sanctions-response-russias-invasion-ukraine
[15]- https://theconversation.com/economic-sanctions-may-deal-fatal-blow-to-russias-already-weak-domestic-opposition-178274
[16] - https://www.washingtonpost.com/world/2022/03/03/sanctions-worries-russia-west-scale/
 
[17]- https://www.theguardian.com/world/2022/mar/07/us-sanctions-against-russia-but-not-israel
[18]- https://gal-dem.com/russia-boycott-palestine/
[19]- https://www.thestudentroom.co.uk/showthread.php?t=3904723
[20]- https://mondoweiss.net/2022/02/russia-ukraine-israel-and-the-limits-of-bds/
[21]- https://mondoweiss.net/2022/02/russia-ukraine-israel-and-the-limits-of-bds/
[22]- https://electronicintifada.net/blogs/tamara-nassar/boycotting-russia-compulsory-while-boycotting-israel-punished
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 2