ماذا تعرف عن مجزرة الأميركيين السود في "وول ستريت الأسود"

اعداد كارلا بيطار

2021.06.22 - 11:37
Facebook Share
طباعة

في أواخر عشرينيات وأوائل ثلاثينيات القرن 19، عندما شرع أفراد قبيلة شيروكي (من الهنود الحمر أو السكان الأصليين) في السير على طريق "درب الدموع" المرتبط بتهجيرهم، بعد أن تم سلبهم أراضيهم في جورجيا وألاباما وكارولينا الشمالية وتينيسي، حيث كان شعب الشيروكي يطلق على هذه الأراضي "الوطن" لآلاف السنين.
لم يكونوا وحدهم، إذ جلب عدد قليل من أفراد القبائل معهم النساء والرجال السود المستعبدين الذين ساعدوا في تخفيف أعبائهم وأداء العمل البدني ومهام أخرى، بحسب المؤرخة الأميركية ألينا روبرتس.
وبحلول عام 1860، كان هؤلاء المستعبدون يشكلون حوالي 15% من شعب الشيروكي. وقام أعضاء من 4 شعوب أخرى تملك العبيد برحلة مماثلة لما كان يُعرف آنذاك باسم الإقليم الهندي (جزء من أوكلاهوما الحديثة).
وبعد أن قاتل أعضاء من جميع الشعوب الخمسة على جانبي الحرب الأهلية عام 1866، ردت الولايات المتحدة بإجبار هذه الشعوب على تحرير العبيد، ومنحهم جميع حقوق وامتيازات المواطنة، ومنحهم مخصصات من الأراضي.
استقر هؤلاء العبيد المحررون في أماكن مختلفة، وبقي الكثير منهم في ما سيصبح تولسا لإنشاء مدن ومجتمعات، بعضها من السود والبعض الآخر من مزيج من الأعراق. أواخر تسعينيات القرن 19، اكتشف الأميركيون البيض النفط وأصبحت تولسا على نحو متزايد مركز المضاربين، وجذبت العديد من المستوطنين الأميركيين.
وفي هذه المدينة التي ازدهر فيها مجتمع السود بفضل الثروة النفطية، كان يعيش 10 آلاف أميركي من أصل أفريقي، بينهم العديد من التجار والمحامين والأطباء.
وبحسب الكاتبة، لم يعجب سكان تولسا البيض بهذا، وكانت الغيرة حاضرة بوضوح، بعد أن توافد الأميركيون من أصل أفريقي إلى تولسا بسبب الحياة والفرص الواعدة، وكانوا متحررين من عنصرية تفوق البيض في مساحة تسود فيها نظم الحكم القبلية، وكان هذا هو السياق الذي جعل استثناء "بلاك وول ستريت" ممكناً. لكن مذبحة تولسا كانت بمثابة تذكير قاتم بأنه أينما ذهب المستوطنون البيض كان غضبهم من نجاح السود ووجودهم واقعا لا ريب فيه.
حسب سرد صحيفة "لوفيغارو" (Le Figaro) الفرنسية، تبدأ الأحداث التي سوّي في أثنائها حي بكامله بالأرض وقتل فيها نحو 300 من السكان، معظمهم من الأميركيين الأفارقة، عندما تعثر ملمّع الأحذية ديك رولاند (19 عاما) في المصعد -وهو في طريقه إلى أقرب منزل به مرحاض مخصص للسود بالطابق العلوي- فداس على قدم المشغلة أو أمسك بذراعها حسب الإصدارات الموثقة في تقرير جمعية أوكلاهوما التاريخية.
صرخت الفتاة البيضاء سارة بيج (17 عاما) من الألم أو الخوف، في حين كان يمكن أن يكون حادثا عرضيا، ولكن الأمور أخذت منحى دراميًّا، فقبض على الشاب اليوم التالي وأودع في سجن المحكمة، وبعد الظهر نشرت صحيفة "تولسا تريبيون" (Tulsa Tribune) المحلية تقريرا عن الحادث واتهم ديك رولاند بالاعتداء الجنسي على الفتاة.
انتشرت الشائعة في المدينة كالنار في الهشيم، فتجمع رجال البلدة البيض أمام المبنى، وبدأ القلق بشأن مصير الشاب يساور مجتمع السود، فالتقى الرجال السود، بمن فيهم قدامى المحاربين بالحرب العالمية الأولى، بدورهم، أمام السجن لحماية الشاب، خاصة أن هذه لم تكن أول عملية إعدام جماعي بهذه المدينة التي تتمتع فيها جماعة "كو كلوكس كلان" العنصرية بالقوة.
وفجأة -كما تقول الصحيفة- تنفجر طلقات نارية وتبدأ أعمال شغب بعنف لم يسمع بمثله، قتل الرجال والنساء والأطفال، واشتعلت النيران في كنيسة لجؤوا إليها. وحسب ما نقلته الصحافة الفرنسية يوم الثالث من يونيو/حزيران بلغة ذلك الزمن، جاء في إحدى المراسلات أن "واحدة من أكثر أحداث الصراع مأساوية وقعت في كنيسة للزنوج، حيث تحصن نحو 50 زنجيا، وصدّوا اعتداءات عدة. لكنهم أخيرا، بعد أن أشعل المحاصرون النار في الكنيسة، اضطروا إلى إخلائها وغطوا انسحابهم بنيران كثيفة إلى حد ما، وقتل عدد من الزنوج. وتعتقد الشرطة أن كثيرا من الزنوج احترقوا في البيوت على أيدي البيض".
قامت السلطات بإحصاء بضع عشرات من القتلى، ونزعت القوات الفدرالية سلاح البيض، لكنها اعتقلت من تعدّهم مثيرين للشغب من أصل أفريقي، وبدا كأن المدينة تريد أن تنسى الحادث، إذ انطلق سكان غرينوود في إعادة بنائه.

وقد ذكرت "الحدث" (L’Action) الفرنسية أرقاما أكبر مما أحصته السلطات، إذ تقول "المعركة التي وقعت في تولسا بأوكلاهوما، في أعقاب هجوم زنجي على امرأة بيضاء شابة، تركت المدينة كومة من الخراب، وتركت 15 ألف زنجي بلا مأوى، وقُتل فيها 9 من البيض و65 من الزنوج، ويقال إن هذا الرقم أقل من الواقع، كذلك أصيب 100 من البيض وأكثر من 200 من السود. وأعلنت حالة الطوارئ".
وحسب الصحيفة فإن الأحداث تشير في الواقع إلى 300 قتيل، معظمهم من الأميركيين الأفارقة، وقد ألقيت كثير من الجثث في النهر، وكشفت الحفريات الأخيرة عن بقايا بشرية في مقبرة تولسا يمكن أن تكون لضحايا من عام 1921. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 1 + 4