ملابسات وفاة مواطنين بالاسترازانيكا لم تكشف بعد...فماذا يحصل؟

تحقيق جورج حايك

2021.05.10 - 10:46
Facebook Share
طباعة

يحتل الموضوع الصحي الاولويات في سلّم اهتمامات الللنانيين وخصوصاً مسألة اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وخصوصاً بعد وفاة مواطنين في الأسبوع الفائت قيل أنهما تلقيا لقاح استرازانيكا وهما محمود الحلبي وجان معلوف، مما أثار بلبلة وأعلنت وزارة الصحة فتح تحقيق بالحالتين للتأكد من سبب وفاتهما وإذا كان للقاح علاقة معيّنة بذلك. فماذا يحصل في الكواليس الصحية؟
يمثّل رئيس اللجنة الوطنية للقاح "كورونا" الدكتور عبد الرحمن البزري مرجعية طبيّة رسمية لها مصداقيتها في هذا المجال، ويقول:"لقد بدأت وزارة الصحة درس ملف السيد الحلبي وهناك احتمال كبير أنه ربما تعرّض لذبحة قلبيّة بدأت اعراضها قبل أخذه لقاح استرازانيكا، وتأثير اللقاح ليس مؤكداً حتى اليوم، لذلك تقوم لجنة طبية بالتحقيق في الأمر، وتتواصل مع عائلته والأطباء الذين عالجوه وبعدها سنبني على الشيء مقتضاه، مع الأخذ في الاعتبار أن سن الحلبي هو ما دون الثلاثين، والتوصيات العلمية تحظّر أخذ اللقاح لمن هم دون الـ30. أما الشاب الراحل جان معلوف فيدرس ملفه بدقة أيضاً، وغداً ستعد لجتنا اجتماعاً لدرس امكانية تعديل التوصيات الذي يسمح له بأخذ لقاح استرازانيكا".
أما نائب تكتل "الجمهورية القوية" وعضو لجنة الصحة النيابية الدكتور فادي سعد فيقول "يجب التحقيق بوفاة الشابين لكن لدي شك كبير بأن اللقاح هو السبب، إلا إذا كان لديهما استعداداً للإصابة بالجلطات، لا أريد أن أستبق التحقيق، لكن لست مع أي قرار بمنع الاستمرار في تلقيح المواطنين بالاسترازانيكا، علماً أن دولاً كثيرة تعتمد هذا اللقاح وعلينا أن نتبع الدراسات العلمية الأجنبية في هذا المجال لأننا نفتقر إلى الامكانيات محلياً لتحديد صلاحية هذا اللقاح أو عدم صلاحيته، أنا كطبيب أرى ضجة مبالغة حول الاسترازانيكا واعتبر أن الافادة منه أكثر من ضرره، وما سجّل في العالم لا يتجاوز 17 حالة جلطات من أصل 15 مليون تلقوا اللقاح ولم يحصل معهم شيئاً".
في الإطار نفسه، نسأل الدكتور البزري: اليس من الضرورة اعادة النظر بلقاح استرازانيكا نتيجة الارباك العالمي لأن دولاً عديدة بينها سيريلينكا واثيوبيا والفيليبين لا تسمح باعطاء لقاح استرازانيكا لمن هم دون الخمسين من العمر في حين اقرت كندا استخدامه لمن هم فوق الخامسة والاربعين وتحت الخامسة والستين، فيجيب:"لو لم يكن في هذا العالم سوى لقاح استرازانيكا كان سيسمح به لكل الأعمار لأن الافادة منه تفوق اضراره، لكن نحن في لبنان لدينا خيارات أخرى، لذلك نحاول كلجنة علمية قدر الإمكان أن ننصح باللقاح الفعال بأفضل طريقة ممكنة، وبما أن تأثيرات الاسترازانيكا الجانبية نادرة الحدوث أي نتكلم بـ4 إلى 8 وفاة من أصل مليون، تبقى النسبة قليلة. لا شيء في هذه الدنيا آمن مئة في المئة، والآن ندرس توصيات لنزيد معدل الأعمار المسموح به لأخذ اللقاح. يجب أن لا ننسى أن بريطانيا البلد المنشأ لهذا اللقاح استعادت عافيتها وفتحت ابوابها مجدداً نتيجة اعتماده واكتساب مناعة مجتمعية، وعلينا أن نعلم أنه لا يوجد تدخلاً دوائياً من دون تأثيرات جانبية".
ويضيف البزري:"لا وجود للقاح من دون تأثيرات جانبية حتى الفايزر والموديرنا ليسا بمنأى عن التأثيرات، وربما يمكننا وضع سبوتنيك الروسي واسترازانيكا وجونسون اند جونسون في الإطار نفسه، وسأكشف لك عن معلومات أن بعض من تلقّح بالفايزر والموديرنا قد اصيب بمضاعفات، ولجنة اليقظة الدوائية سارعت إلى متابعة هذه الملفات".
من جهته، يوافق الدكتور سعد بوجود بلبلة في العالم بسب الاسترازانيكا ولكن يؤكد:"البلبلة لم تظهر أنها مبنية على أسس علمية، وما أقوله أن كل ما ظهر حتى الآن لا يسمح لنا كدولة لبنانية أن نتوقف عن استخدام الاسترازانيكا، واؤيد الدكتور البزري بأن الفايزر ايضاً أدى إلى وفاة أشخاص في الخارج. علينا أن لا نرعب الناس، بل أن الهلع ممكن أن يسبّب وفيات أكثر من خلال امتناع بعض اللبنانيين عن أخذ اللقاح والموت بسبب الكورونا".
ونسأل البزري عن التضارب بين اللجنة التي يترأسها هو المتخصص بالأمراض الجرثومية ومستشارة رئيس الحكومة للشؤون الصحية بترا خوري المتخصصة بعلوم الصيدلة، فيجيب:"نحن مجموعة أطباء اختصاصيين متطوعين نعمل لمصلحة وزارة الصحة ونقدّم الخطط الأفضل لاستخدام اللقاحات، اما لجنة السيدة خوري فهي لجنة تنفيذية وليست تشريعية أي تنفّذ السياسات والخطط التي تضعها لجنتنا ولا تستطيع أن تأخذ القرارات بل القرار هو لوزير الصحة وحده، للأسف حاولت السلطات الحد من صلاحياتنا وحاولت أن لا تلتزم بتوصياتنا على الطريقة اللبنانية ووقعت بخطأ اعتماد الاسترازانيكا لمن هو فوق الـ30، نتعامل مع هذا الأمر كما يجب، نحن مجموعة اطباء نكرس أنفسنا لخدمة المواطن اللبناني وسنستمر برفع صوتنا بما هو عادل وشفاف ومحق للبنانيين حتى تنتهي جائحة كوفيد 19، لكن كي لا نظلم أحداً هناك جهود بذلت على كل مستويات الادارات اللبنانية بدءاً من وزارة الصحة".
اللافت أن وزير الصحة حمد حسن وعد بمليون جرعة من لقاح فايزر منذ شهر آذار ولم تأت كذلك في نيسان والآن يجدد وعده بأن حزيران وتموز سيشهدا وصول عدد وافر من لقاح فايزر إلى لبنان، فلماذا لا تصدق هذه الوعود؟ يرد البزري "السبب أنه هناك أزمة دوائية في العالم، واعطي مثلاً الهند هي أكبر دولة تنتج اللقاحات، تعاني اليوم من أزمة إذ تشهد موجة من ارتفاع الاصابات بالكورونا وبالكاد تلبي مواطنيها، والولايات المتحدة الاميركية تعطي الأولوية لشعبها قبل الآخرين، اضافة إلى مشاكل بين بريطانيا والسوق الاوروبية المشتركة في ما يخص الاسترازانيكا. عموماً الروزنامة اللقاحية تأخرت قليلاً، وبات شبه مؤكّد أن شهري حزيران وتموز في لبنان سيتوفر فيهما كمية لقاحات كبيرة".
ويلتقي البزري وسعد مع وزير الصحة حول عدم اعطاء الأولوية في التلقيح لمرضى الضغط والسكري، ويؤكدان أن البرنامج التلقيحي في لبنان يتبع المعايير المتبعة في معظم دول العالم أي الأولوية للمسنين لأن اعلى نسبة الوفيات في الكورونا تصيب هذه الشريحة من المجتمع، والسبب الأول أن الاصابة تؤدي إلى وفاتهم، والسبب الثاني أن معظم الأمراض المزمنة تجدها عند المسنين".
وعن متابعته لموضوع كورونا وصحة الناس في اطار لجنة الصحة النيابية يقول سعد:"نحن نتابع المواضيع الصحية على مدار الساعة، لكن يجب قول الحقيقة، قد يكون موضوع الكورونا الأقل خطورة نظراً إلى أننا نتشارك أزمته مع كل دول العالم، واللقاحات ستخفف من الوفيات أكثر في لبنان وهذا يثبت فعاليتها، لكن المشاكل الآتية الينا أكبر وهي تداعيات رفع الدعم وفقدان بعض الأدوية وانهيار القطاع الصحي بكل مستوياته والأطباء يهاجرون والوضع الاقتصادي كارثي، وسنواجه في الأيام المقبلة فقدان المستلزمات الطبية، وستصبح قلة من اللبنانيين قادرة على تلقي العلاج، نحن نعمل على التخفيف من هول الكارثة في إطار اللجنة النيابية الصحية ومن خلال تكتل القوات اللبنانية في المجلس، لكن يد واحدة لا تصفق، وحتماً لن نستطيع وحدنا انقاذ هذه السفينة من الغرق".
في المقابل، ترددت معلومات حول عرقلة وزارة الصحة لمحاولات جاك صراف استيراد لقاح سبوتنيك إلى لبنان مقابل التسهيل لشركات أخرى استيراد لقاحات من نوع آخر، لكن صراف يؤكد "أن هذه شائعات مغرضة، وأنا أحضرت 50 الف جرعة في مرحلة أولى والآن 32 الف جرعة أخرى سنوزعها هذا الأسبوع، هناك مقدار كبير من الكذب في مجتمعنا، ويقف وراء هذه الشائعات أحد المحامين الذي كتب مقالاً على مواقع التواصل الاجتماعي وبعض الناس اقتنعت". ولفت صراف إلى "أن وزارة الصحة وخصوصاً الوزير حسن متعاون إلى آخر درجة وفريق عمله ممتاز". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 4