الصبر الاستراتيجي يتفوق على الضغط الأقصى

إعداد - رؤى خضور

2021.05.07 - 09:51
Facebook Share
طباعة

 عادت الوفود الأمنية والعسكرية "الإسرائيلية" التي توافدت إلى واشنطن في الأسابيع الماضية بخيبة أمل بعد فشل مساعيها لثني إدارة جو بايدن عن العودة إلى اتفاق فيينا مع إيران ورفع العقوبات المفروضة، ويرى الأمن والجيش الإسرائيلي أن واشنطن عازمة على إغلاق هذا الملف، حتى لو كان ذلك يعني رفع أكثر من 1600 من العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب.


التاريخ يعيد نفسه، لكن خلال فترة قصيرة من الزمن، ففي العام 2015، لم تدخر حكومة بنيامين نتنياهو الصهيونية أي جهد لإحباط مسعى إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما للتوصل إلى الاتفاق، ولم يتردد نتنياهو نفسه في المثول شخصياً أمام الكونغرس وتحريض أعضاء مجلس الشيوخ وأعضاء الكونغرس الأمريكيين ضد رئيسهم، وكانت هذه سابقة غير عادية في المعايير الدبلوماسية، لكن من الصعب على نتنياهو اليوم مواجهة الكنيست، ناهيك عن الكونغرس.


لا شك أن إيران مرت بأربعة أعوام صعبة في ظل أشد العقوبات قسوة، متسلحة بـ "الصبر الاستراتيجي"، ولم تتزحزح عن أي شرط من شروطها ومطالبها بإحياء الاتفاق، وحصلت في النهاية على ما تريد، فالاتفاق يقترب من رؤية النور، يقترب من تضمين جميع مطالب طهران وشروطها تقريباً، وأثبت المفاوض الإيراني أن لا حدود لعناده وصبره.


وبينما ترفع واشنطن العقوبات المفروضة على معظم الأفراد الإيرانيين، والعقوبات عن ثلاثة من أهم القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية: النفط والطاقة، والصناعة، والبنوك، فضلاً عن رفع الحجز عن قرابة 100 مليار دولار بعد تجميدها لسنوات، تلتزم طهران بتنفيذ التزاماتها النووية دون توسع نووي، وعلى ما يبدو، ستخرج إيران قريباً من العزلة والحصار.


أما نتنياهو فيراقب المشهد متعهداً بمواصلة حربه على إيران، ويقدم خدماته كزعيم لكيان يمكنه "ملء الفراغ" في واشنطن، لكن مشكلة نتنياهو هي أنه لا يجد من يشتري هذه «السلعة» إذ حتى الأطراف العربية المؤيدة للتطبيع مع إسرائيل، مثل الإمارات والسعودية، بدأت تدرك أن هذه الورقة تفقد قيمتها مع تراجع الزخم، كما اكتشفوا أن الحوار مع إيران وليس التحالف مع إسرائيل هو أقصر الطرق للحفاظ على أمنها واستقرارها مع الحفاظ على مصالحها.


لكن الحق يقال، ليست إيران وحدها، فقد نجح آخرون في هذه المنطقة الكبيرة في إجبار واشنطن على الاستماع لمطالبهم وشروطهم، فقد قدمت طالبان نموذجاً للصبر والصلابة والعناد في وجه القوة الأمريكية العظمى، ما أجبر الأخيرة على البدء في سحب قواتها دون قيد أو شرط، والأهم هو إجبار حركة أنصار الله في اليمن لواشنطن على الاعتراف بها كلاعب رئيس بعد أن كانت في نظر كثيرين "بيضة سهلة الكسر".

في المحصلة، يخبرنا التاريخ دوماً أن العالم لا يفهم إلا لغة الأقوياء، سواء كانت دولًا أو مجموعات أو حركات، بغضّ النظر عن الانتماءات الفكرية والأيديولوجية والدينية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 7