من 18 عاماً: الشباب يصنع مستقبل لبنان السياسي

2025.12.26 - 11:19
Facebook Share
طباعة

في لبنان يظل الشاب في سن الثامنة عشرة على مفترق طرق بين الحقوق والمسؤوليات ففي الوقت الذي يُمنح فيه صفة الراشد أمام القانون الجنائي وحق الزواج والانخراط في القوات المسلحة يبقى محرومًا من حق أساسي وهو اختيار من يدير مستقبل وطنه هذا التناقض يعكس إشكالية عميقة في النظام السياسي اللبناني ويضع خفض سن الاقتراع في صدارة النقاشات الوطنية بوصفه خطوة قد تمنح الشباب صوتًا حقيقيًا وقدرة على التأثير في مستقبلهم السياسي والاجتماعي.

مع كل استحقاق انتخابي تعود قضية خفض سن الاقتراع من 21 عامًا إلى 18 عامًا كواحدة من أكثر القضايا جدلية ينظر جيل الشباب إليها كحق مشروع مسلوب بينما تتعامل معها النخب السياسية بمزيج من الحماس المعلن والتوجس الخفي مما جعل القضية أسيرة التجاذبات الطائفية والحسابات الرقمية الضيقة.

تكمن أهمية خفض سن الاقتراع في مبدأ العدالة القانونية والمواطنة الكاملة من التناقض الصارخ أن يعتبر القانون اللبناني الشاب في سن الثامنة عشرة راشداً أمام القانون الجنائي ومسؤولاً عن أفعاله ويمنحه حق الزواج والتعاقد والانخراط في القوى المسلحة للدفاع عن الوطن بينما يحرم منه الحق الأساسي في اختيار من يدير شؤون هذا الوطن إشراك الشباب في هذه السن يمثل اعترافًا بنضجهم وبأنهم شركاء حقيقيون في بناء المستقبل وليسوا مجرد أدوات للتحركات الشعبية أو الشعارات الحزبية.

علاوة على ذلك يشكل الشباب قوة تغيير قادرة على ضخ دماء جديدة في الحياة السياسية الراكدة الأجيال الشابة غالبًا ما تكون أكثر تحررًا من الموروثات الحزبية الجامدة وأكثر انفتاحًا على قضايا العصر مثل التحول الرقمي والتغير المناخي والعدالة الاجتماعية دخول مئات الآلاف من الناخبين الجدد إلى الهيئة الناخبة قد يفرض على الأحوال السياسية التقليدية تطوير خطابها لتلائم تطلعات هذا الجيل بما يساهم في تجديد النخب وكسر الاحتكارات السياسية التي استمرت لعقود
مع ذلك تصطدم هذه الصورة بواقع "الديمقراطية التوافقية" اللبناني وهواجسها الديموغرافية تخشى قوى سياسية عدة أن يؤدي خفض سن الاقتراع إلى خلل في التوازن الطائفي ما قد يهز مبدأ "المناصفة" الذي يقوم عليه الميثاق الوطني.

من ناحية أخرى يثير المعارضون تساؤلات حول مدى النضج السياسي للشاب في سن الثامنة عشرة في ظل نظام تعليمي يفتقر إلى التربية المدنية الفاعلة يخشى أن تتحول هذه الكتلة الشبابية بدل أن تكون أداة للتغيير إلى وقود لزيادة حدة الاستقطاب الطائفي حيث يسهل استثارة عواطفهم بشعارات شعبوية بعيدة عن البرامج الانتخابية الواقعية كما يبرز تخوف من أن تتحول الجامعات والمدارس إلى ساحات صراعات سياسية حادة قد تعطل المسار التعليمي
في الختام يظل خفض سن الاقتراع مطلبًا ديمقراطيًا ينسجم مع المعايير الدولية التي تعتمدها أغلبية دول العالم لكن في لبنان تبقى هذه الخطوة بحاجة إلى إطار إصلاحي شامل يتجاوز تعديل الأرقام إذ يتطلب قانونًا انتخابيًا يطمئن جميع المكونات وحملات توعية ترفع من مستوى الوعي الوطني لدى الشباب لتصبح الورقة التي يسقطونها في الصندوق وسيلة لبناء الدولة لا لترسيخ الانقسام. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 8