أوروبا في مواجهة اختبار الأخلاق: تصاعد الدعاوى ضد تزويد إسرائيل بالسلاح
تشهد الساحة الأوروبية توسعاً في الدعاوى القضائية المرفوعة ضد شركات وحكومات متهمة بتوريد أسلحة ومعدات عسكرية لإسرائيل، بعد توثيق استخدامها في الحرب على غزة وما صاحبها من انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
في إسبانيا، تنظر المحكمة الوطنية في مدريد قضية ضد شركة صناعية كبرى بتهمة بيع مواد تُستخدم في الصناعات العسكرية الإسرائيلية وتعد هذه الخطوة سابقة قضائية أوروبية تسلط الضوء على مسؤولية الشركات التي تشارك في سلاسل توريد الأسلحة إلى مناطق النزاع، وما يترتب عليها من تبعات قانونية وأخلاقية.
وتؤكد منظمات حقوقية أوروبية أن الحراك القضائي يعكس تحوّلاً في المزاج العام داخل القارة، إذ يتزايد الوعي الشعبي والحقوقي بضرورة مساءلة الحكومات والشركات المتورطة في دعم العمليات العسكرية التي تستهدف المدنيين.
وفي بريطانيا، رفضت محكمة مختصة الطعن المقدم ضد استمرار تصدير مكونات طائرات “إف-35” إلى إسرائيل، معتبرة أن تقدير المصلحة الأمنية والدفاعية شأن حكومي القرار أثار جدلاً واسعاً بين الحقوقيين الذين يرون فيه تواطؤاً سياسياً يفرّغ الالتزامات الإنسانية من مضمونها.
أما في ألمانيا، فقد رفضت المحكمة الإدارية في برلين دعاوى مماثلة تطالب بوقف صادرات الأسلحة، مستندة إلى تغير “الظروف الميدانية” بعد وقف إطلاق النار، وهو ما اعتبرته منظمات قانونية تبريراً غير كافٍ لتجاهل مسؤولية برلين عن توريد السلاح.
وفي المقابل، تبنّت هولندا موقفاً أكثر تحفظاً بإبقاء الحظر على تصدير قطع غيار مقاتلات “إف-35”، رغم صدور حكم قضائي يتيح تعديل السياسة، ما عُدّ مؤشراً على تزايد الحذر الأوروبي تجاه المشاركة في صفقات سلاح مرتبطة بإسرائيل.
ويرى مراقبون أن هذا الزخم القضائي يمثل بداية تشكل وعي قانوني جديد في أوروبا، يدفع باتجاه إنهاء الإفلات من العقاب ومحاسبة كل جهة تسهم في استمرار آلة الحرب فالقضايا المرفوعة لم تعد مجرد اعتراضات رمزية، بل خطوات عملية قد تعيد تعريف مسؤولية الدول والشركات في النزاعات المسلحة.
بين مواقف المحاكم الأوروبية المتباينة، يتسع الجدل حول مدى التزام الغرب بالقيم التي يروّج لها، فيما تتواصل الدعوات الحقوقية لفرض حظر شامل على تصدير السلاح إلى إسرائيل حتى تلتزم بالقانون الدولي وتضع حداً لاستهداف المدنيين في غزة.
