تشهد العلاقات الإسرائيلية-المصرية توتراً غير مسبوق، نتيجة السياسات الإسرائيلية الأخيرة تجاه قطاع غزة، والتي أدت إلى تصاعد الضغوط على القاهرة، الدولة التي تلعب دوراً مركزياً في الاستقرار الإقليمي والأمن الإسرائيلي.
وفي الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل تحديات أمنية واقتصادية متعلقة بالحرب المستمرة في غزة، يبدو أن تدخلاتها الدبلوماسية في القاهرة تهدف إلى فرض خياراتها على مصر، بما يضع العلاقة الاستراتيجية بين البلدين على المحك.
وفقاً لمقال نشرته مجلة فورين بوليسي الأميركية، يرى خبراء إسرائيليون أن القرارات الإسرائيلية خلال عامين من الحرب على غزة أضعفت الروابط مع مصر، وهددت الإطار الإستراتيجي الذي تأسس منذ اتفاقيات كامب ديفيد عامي 1978 و1979.
وتأتي هذه التحركات في سياق سعي تل أبيب لتقليل الأعباء عن نفسها في إدارة الأزمات الإنسانية وإعادة تموضع الفلسطينيين الذين قد تُهجّرهم من غزة، وهو ما تعتبره القاهرة تهديداً مباشراً لاستقرارها الداخلي.
وفي التفاصيل، فقد تبنت إسرائيل خطة نقل بعض الفلسطينيين من غزة إلى شبه جزيرة سيناء، ضمن ما وصفه البعض بـ"الهجرة الطوعية"، بينما تم طرح مشاريع اقتصادية مع شركاء دوليين تتجاوز مصر، ما زاد من حدة التوتر بين البلدين.
كما تترافق هذه الخطط مع مراجعة محتملة لصفقة تصدير الغاز الطبيعي لمصر بقيمة 35 مليار دولار، ما يزيد من الضغوط الاقتصادية ويثير قلق المسؤولين في القاهرة حول الالتزامات الإسرائيلية تجاه الاتفاقيات الموقعة.
ويضيف الخبراء أن هذه السياسات تتسبب في تداعيات مباشرة على الاقتصاد المصري، بما في ذلك انخفاض السياحة وإيرادات قناة السويس، إضافة إلى توقف إمدادات الغاز الطبيعي الإسرائيلي وارتفاع التحديات المالية. هذه الضغوط، إلى جانب ترويج إسرائيل لمشاريع استراتيجية مع جهات دولية أخرى، تضع القاهرة أمام خيارات صعبة بين الحفاظ على استقرارها الداخلي ودعم حقوق الفلسطينيين، أو الخضوع لضغوط تل أبيب التي تسعى لتعزيز سيطرتها على غزة وتأمين مصالحها الإقليمية.
ويخلص الخبراء إلى أن مصر، على الرغم من الصعوبات، تبقى لاعباً لا غنى عنه بالنسبة لأمن إسرائيل الإقليمي ودبلوماسيتها. أي تدهور في العلاقة بين البلدين قد يؤدي إلى زعزعة الأمن في الحدود الجنوبية لإسرائيل، وتعقيد أولوياتها العسكرية، وإضعاف قنوات الوساطة في مفاوضات الأسرى ووقف إطلاق النار، مما يجعل الحفاظ على علاقة مستقرة مع القاهرة أمراً حيوياً لإسرائيل في المرحلة المقبلة.