أثارت الغارة الجوية الإسرائيلية الأخيرة على قطر جدلاً واسعًا بشأن مدى قدرة إسرائيل على توسيع عملياتها العسكرية في المنطقة العربية، ومدى استعداد الجيوش العربية لمواجهة التفوق الجوي الإسرائيلي. وفي خضم هذا النقاش، نشرت مجلة Military Watch الأميركية المتخصصة في الشؤون الدفاعية، تقريرًا اعتبرت فيه أن الجزائر تمثل استثناءً عربيًا، كونها "الأكثر حصانة" أمام الضربات الجوية المحتملة بفضل استثماراتها الضخمة في بناء شبكة دفاع جوي متطورة.
تشير المجلة إلى أن قوة سلاح الجو الإسرائيلي تكمن غالبًا في ضعف دفاعات خصومه، لا في تفوقه التقني الذاتي. فرغم تنفيذ تل أبيب ضربات متكررة في سوريا ولبنان واليمن وقطر، فإن معظم هذه العمليات تمت في أجواء تعاني من هشاشة في الدفاعات الجوية، أو قيود في نوعية التسليح المتاح لتلك الدول.
وتوضح المجلة أن إسرائيل ما زالت تعتمد بشكل رئيسي على أسطول قديم من مقاتلات F-15 وF-16، مع عدد محدود من مقاتلات F-35 الحديثة. وعلى النقيض، فإن الجزائر تمتلك منظومة دفاع جوي متكاملة تجعلها قادرة على فرض معادلة ردع مختلفة في المنطقة.
ويتكون العمود الفقري للدفاعات الجوية الجزائرية من:
أنظمة صواريخ بعيدة المدى: S-300PMU-2، S-400، وHQ-9 الصينية.
مقاتلات حديثة: أكثر من 70 طائرة Su-30MKA، إلى جانب Su-35 وMiG-29M.
أنظمة دفاع متوسطة المدى: BuK-M2 الروسية.
هذه الترسانة تجعل الجزائر، وفقًا للتقرير، قادرة على مواجهة أي هجوم محتمل سواء من إسرائيل أو تركيا أو حتى قوى غربية، بعكس معظم الدول العربية التي تظل دفاعاتها الجوية مرتبطة بمنظومات غربية خاضعة لقيود سياسية وبرمجية تمنع استخدامها بحرية تامة.
تبني الجزائر لهذه الاستراتيجية الدفاعية لم يأتِ من فراغ. فبعد انهيار نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا عام 2011، وجدت الجزائر نفسها أمام فراغ أمني خطير على حدودها الشرقية والغربية. هذا التحول دفعها لتبني عقيدة عسكرية قائمة على الاستقلالية، بعيدًا عن الارتهان للمنظومات الغربية.
كما أن الجزائر استفادت من علاقاتها الوثيقة مع روسيا والصين للحصول على أسلحة متطورة دون قيود سياسية، ما منحها موقعًا فريدًا مقارنة بجيرانها العرب الذين غالبًا ما يجدون أنفسهم مقيدين بشروط التصدير الغربية، أو بالاعتماد على منظومات لا يمكن تفعيلها ضد مصالح واشنطن أو حلفائها.
ويخلص التقرير إلى أن الجزائر تمثل حالة خاصة في العالم العربي: فهي لا تعتمد فقط على الكم في تسليحها، بل على نوعية تسليح متقدمة تجعلها ضمن الدول القليلة في المنطقة القادرة على مواجهة سلاح الجو الإسرائيلي على نحو جاد، في حال حدوث مواجهة عسكرية مباشرة.