أمريكا والصين نحو حرب باردة: ما موقف الخليج؟

إعداد - رؤى خضور

2021.03.24 - 10:51
Facebook Share
طباعة

 بدأ جميع القادة في أنحاء العالم تحديد استراتيجيتهم للتعامل مع الحرب الباردة الحتمية بين الولايات المتحدة والصين، ومن بينهم قادة الخليج العربي، فأي زلة في تشكيل تحالفات قد تضر بمستقبل المنطقة، ولا شك أن مخاطر الحرب الباردة بين هاتين القوتين العظيمتين أعلى بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي من معظم المناطق الأخرى حول العالم، نظراً لأن الولايات المتحدة هي الضامن الأمني ​​الرئيس للمنطقة منذ حرب الخليج الأولى في 1990-1991، وينعكس ذلك في تواجدها العسكري الواسع، بالتالي فإن لواشنطن تأثير سياسي وأمني كبير على عواصم الخليج، ظهر ذلك في نجاح إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في تطبيع العلاقات بين "إسرائيل" وكل من الإمارات والبحرين، فضلاً عن تعزيز العلاقات بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، كما استطاعت تحويل الحرب الباردة إلى "السلام البارد" بين قطر والرباعية العربية المكونة من السعودية والإمارات ومصر والبحرين.


في المقابل، الصين هي أكبر مستورد للنفط من دول الخليج بنسبة 28٪، ما يجعل الخليج مرتبطاً بالصين اقتصادياً ارتباطاً لا غنى عنه، لا سيما في ظل الوباء والانكماش الاقتصادي العالمي.


إن إحدى نقاط الخلاف الواضحة التي ظهرت بين شركات التكنولوجيا الصينية والولايات المتحدة وحلفائها حول بناء شبكات 5G، ففي ظل إدارة ترامب قاطعت واشنطن التكنولوجيا الصينية وحشدت حلفاءها لتحذو حذوها، ويبدو أنه مع مجيء جو بايدن ستكون المنافسة مع الصين هي العدسة الأساسية التي ستقيم الولايات المتحدة من خلالها تحالفاتها في كل منطقة حول العالم، فمنذ حملته الرئاسية، دعا بايدن إلى استضافة قمة لمواجهة التقدم الذي حققته الصين، يخشى قادة الخليج من أن تحالف واشنطن الجديد سيمتد إلى نطاق أوسع من الدول في محاولة لإمالة ميزان القوى لصالح الولايات المتحدة، ومن المحتمل أن تكون دول الخليج مترددة في أن تكون جزءاً من تحالف تقوده الولايات المتحدة ضد الصين، فإلى جانب العواقب الاقتصادية الضخمة، فإن مثل هذه الخطوة ستؤثر على الحسابات الاستراتيجية في المنطقة، وقد تعاقب بكين الدول التي تقف إلى جانب واشنطن في محاولة عرقلة طريقها.


لذلك ستحاول عواصم الخليج إيجاد حل وسط بين الولايات المتحدة والصين إذا كان هناك ضغط أمريكي مستمر على الحلفاء الإقليميين لحظر Huawei عن شبكات 5G الخاصة بهم، وقد يتبع الخليج النموذج الفرنسي من خلال فرض حظر فعلي على تجديد تراخيص أجهزة هواوي، ومثل هذه الخطوة ستمنع شركات الاتصالات السلكية واللاسلكية من الحصول على تحديثات هواوي، بالتالي ستنظم جدولًا زمنياً لإزالة أجهزة هواوي تدريجياً من أسواقها.


ومع ذلك، هناك مخاوف في الخليج العربي من أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تدفع بكين إلى رد قاسي مشابه للحرب التجارية المستمرة بين الصين وأستراليا، لذلك على دول الخليج في النهاية تعزيز استقلاليتها الاستراتيجية، لتجنب إجبارها على الانحياز لأحد الجانبين في المنافسة طويلة الأمد بين الولايات المتحدة والصين، وهذا يتطلب التركيز على بناء قدراتها العسكرية محلياً، وتنويع تحالفاتها خارج إطار الولايات المتحدة لتشمل المملكة المتحدة، فرنسا، روسيا، الهند، اليونان، صحيح أن تحقيق الحكم الذاتي قد يستغرق أعواماً عديدة وموارد كبيرة، لكنه سيكون ضرورة في مواجهة التغيرات الجيوسياسية في المنطقة.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 1