المسلحون الماليزيون.. و"الجنة المزيفة" في سورية

إعداد - رؤى خضور

2021.02.23 - 03:15
Facebook Share
طباعة

 تحولت جبهة سورية، خلال الأزمة التي تمر بها، إلى  أكبر ساحة لجذب للمقاتلين الأجانب من جنسيات مختلفة في التاريخ المعاصر، ونظراً لخطورة الظاهرة وانعكاساتها على الأمن الإقليميّ والدوليّ، فقد انشغلت المؤسسات الدولية، كالأمم المتحدة وأجهزة الاستخبارات العالمية بتتبع موضوع المقاتلين الأجانب، ومحاولة فهم أسرار جاذبية تنظيم داعش، والتعرف على جنسيات المقاتلين، وتوجهاتهم الأيديولوجيّة والفكريّة، وملاحقتهم وتتبع مصيرهم، وكيفية التعاطي مع العائدين، ومنذ سقوط برجوز في آذار/ مارس 2019 ، آخر معقل لتنظيم داعش، تلاشى حلم الخلافة الإسلامية في الشمال السوري، ومع اقتراب الهزيمة تحولت هذه المدينة الصغيرة إلى معقل للمقاتلين الإرهابيين الأجانب من ماليزيا وجنوب شرق آسيا (FTFs).

ما الذي دفع الشباب الماليزي للمشاركة في تنظيم داعش؟ 

وُعد الماليزيون وعوداً كاذبة بالعيش في خلافة إسلامية تستند إلى "نظام سوري" كالذي طبق في عهد النبي محمد قبل 1400 عام على أساس "الشريعة" بدون عناصر علمانية أو غير إسلامية، هذه الجنة الخفية وأرض الميعاد، كما أعلن إمامهم ، كانت موجودة في العراق وسورية، وفقط أولئك الذين عاشوا فيها سيكافؤون في الآخرة بالجنة، هذه الوعود التي  دفعت أكثر من مئة متطرف ماليزي للمشاركة في ما يسمى "بالحرب المقدسة"، تتراوح أعمار معظمهم بين 20 و 40 عاماً.

شارك معظم المتطرفين الماليزيين في سلسلة من الهجمات في العراق وسورية، بما في ذلك التفجيرات الانتحارية، وقتل منهم 24 شخصاً، وبعد هزيمة داعش تقدم 41 ماليزياً بالعودة إلى ماليزيا أواخر العام 2020، لكن الحكومة الماليزية تطبق تعليمات صارمة للغاية بشأن طلبات الإرهابيين بالعودة إلى الوطن، وبعد اكتمال عملية التدقيق سُمح لـ 25 منهم فقط بالعودة، معظمهم من النساء والأطفال من عائلات المقاتلين الماليزيين، ومن بين الذين عادوا بالفعل إلى ديارهم ، احتُجز 12 بموجب قانون الجرائم الأمنية، واتُهم خمسة بتهمة الانخراط في أنشطة ضارة بالديمقراطية البرلمانية، ووجهت التهم إلى أربعة آخرين والتي يعاقب عليها بالسجن المؤبد أو السجن لمدة لا تقل عن 30 عاماً، أو الغرامة، وتم استجواب واحتجاز ثلاثة آخرين بموجب قانون منع الإرهاب.

أدرك المقاتلون الإرهابيون الماليزيون أن ما أُبلغوا به قبل الذهاب إلى العراق وسورية كان دجلاً كبيراً بعد إغرائهم بالانضمام إلى داعش عبر الإنترنت، وعندما عاشوا في حكومة داعش أدركوا أن حياة الإسلام والخلافة كانت مجرد زيف ومليئة بالمنكرات والجرائم والرذائل، لذلك اختار الإرهابيون الماليزيون العودة إلى ديارهم بعد أن أدركوا أن فكرة تنظيم داعش (ISIS) عن "الحياة الإسلامية" كانت وهماً، ويعاني حالياً العائدون الماليزيون من المقاتلين الإرهابيين، وخاصة النساء، من مشاكل نفسية حادة.

لا شك أن ظاهرة المقاتلين الأجانب تنامت بصورة جلية خلال العقد الماضي، وبرهنت الأيديولوجيّة المتطرفة العالمية جاذبيتها وقدرتها على الاستقطاب والتجنيد، ولا يمكن فصل تنامي ظاهرة المقاتلين الأجانب عن أجندة دولية وإقليمية ومحلية،  ولا جدال أن إهمال الأسباب والشروط والظروف الموضوعية التي أنتجت الظاهرة المتطرفة عموماً والمقاتلين الأجانب خصوصاً،  أدت إلى نتائج كارثية، وإذا كانت الموجة الحالية من تطويع المقاتلين توشك على الأفول، فإن توقع موجات جديدة على المدى المتوسط أمرٌ لا مفرّ منه.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 4 + 3