"أرض الميعاد".. باراك أوباما يفشي "أسراراً نعرفها" عن علاقة أمريكا بحكّام الشرق الأوسط

خاص - وكالة أنباء آسيا

2020.11.18 - 11:51
Facebook Share
طباعة

 
صدر أمس الثلاثاء، 17 تشرين الثاني، المجلد الأول من مذكرات الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما والتى يسرد فيها ولايته الأولى فى البيت الأبيض وما جرى فيها من أحداث، ويغطي الكتاب الذي يحمل عنوان "أرض الميعاد" رحلة أوباما منذ شبابه إلى نهاية الفترة الأولى من رئاسته.
يكتب أوباما في المجلّد الأول من مذكراته أن انقسامات أميركا "عميقة"، محذرا بأن خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض لن يكون كافيا لردم الهوة.
ويستذكر الرئيس الرابع والأربعون للولايات المتحدة في المجلّد الأول من مذكراته "أرض الميعاد" (إيه بروميسد لاند)، مفاجأة عام 2016، حين انتخب الأميركيون رئيسا "على طرفي نقيض" عنه.
وندد بما شهدته السنوات الأربع الأخيرة من مخالفة منهجية للمعايير ونبذ لقاعدة من الوقائع والقيم شكلت لفترة طويلة "مكتسبات" للجمهوريين والديموقراطيين على السواء.
وكتب في مذكراته التي انهى كتابتها قبل انتخابات 3 تشرين الثاني/نوفمبر التي شهدت فوز نائبه السابق جو بايدن، "ما يثير أكبر قدر من القلق ربما هو أن ديموقراطيتنا تبدو على شفير الغرق في أزمة".
وأضاف "أزمة متجذرة في المواجهة بين رؤيتين مختلفتين لأميركا، لما هي عليه وما يجب أن تكون".
وتابع "أزمة جعلت المواطنين منقسمين، عرضة للغضب وانعدام الثقة".
وكتب "إنني على يقين أيضا بأن انتخابات واحدة لن تكفي لتسوية المشكلة" مضيفاً "انقساماتنا عميقة، وتحدياتنا هائلة".
ويقر أوباما (59 عاما) الذي تولى الرئاسة بين 2009 و2017، بأن الخطاب حول "المثل العليا" الأميركية لا يعتبر أحياناً ملائماً في فترة من الهزات الكبرى التي تعصف بالقوة الأولى في العالم.
وكتب "أعترف بأن البعض يعتقد أن الوقت حان للتخلص من هذه الأسطورة، وأن مراجعة لماضي أميركا ونظرة ولو سريعة إلى عناوين الصحف، تظهران أن المثل العليا لهذا البلد" جاءت على الدوام في المرتبة الثانية خلف "رأسمالية ساحقة" و"نظام طبقي يتبع الخطوط العرقية".
وقال إنه تساءل إن لم يكن أبدى "اعتدالا" فائقاً في كلامه و"حذراً" فائقاً في أفعاله.
لكنه أبدى تفاؤله على المدى البعيد، داعيا إلى "إعادة رسم العالم مرة جديدة، والتوصل عبر العمل الجاد والتصميم وقدر كبير من المخيلة، إلى أمريكا تعكس أخيرا أفضل ما لدينا".
إكسير المخاوف العرقية..
يتحدث أوباما في المجلد الأول من 768 صفحة، في الدور الذي لعبه انتخابه عام 2008 في التحول العميق الذي شهده الحزب الجمهوري، والذي أفضى إلى صعود دونالد ترامب، وصولاً إلى دخوله البيت الأبيض.
وكتب وفق ما نقلت شبكة "سي إن إن" التلفزيونية، "لكأن مجرد وجودي في البيت الأبيض أثار ذعراًعميقاً، إحساسا بأن النظام الطبيعي شهد بلبلة"، مضيفا "هذا تحديداً ما أدركه دونالد ترامب حين بدأ يروج لمزاعمه بأنني لم أولد في الولايات المتحدة وإنني بالتالي رئيس غير شرعي".
وأضاف "إلى ملايين الأميركيين الذين روعهم وجود رجل أسود في البيت الأبيض، وعد (ترامب) بإكسير لمخاوفهم العرقية".
منافق ..في موقفه من "الربيع العربي"
يعرض الرئيس الأمريكي السابق في مذكراته صورة قاتمة لكثير من قيادات الشرق الأوسط، يقول فيها إنه ما زال يخشى أن الضغوط التي مارسها خلال الربيع العربي لم تكن دائماً موضوعية.
ويعيد أوباما التفكير في الانتقادات التي وُجّهت إليه، وعدَّته منافقاً لأنه أقنع رئيس مصر الراحل حسني مبارك بالتنحي في مواجهة احتجاجات عام 2011 بينما تساهل مع البحرين، وهي قاعدة رئيسية للقوات الأمريكية، وهي تقمع تظاهرات الاحتجاج لديها.
كتب يقول: "لم تكن لديَّ طريقة رائعة لشرح التناقض الواضح بخلاف الاعتراف بأن العالم كان في حالة فوضى؛ وأنه لدى ممارسة السياسة الخارجية، كان عليَّ أن أواصل الموازنة بين المصالح المتنافسة، ولمجرد أنني لم أتمكن في كل حالة من تقديم أجندة حقوق الإنسان لدينا على اعتبارات أخرى، لا يعني أنني يجب ألا أحاول أن أفعل ما بوسعي، عندما يمكنني ذلك، لتعزيز ما اعتبرته أعلى القيم الأمريكية".
في حديثه عن البحرين أيضاً يتحدث أوباما كيف حذره ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد آل نهيان، من الضغط على البحرين.
وبعد لقاء مبارك في عام 2009 في القاهرة، كتب أوباما أنه خرج "بانطباع سيصبح مألوفاً جداً في تعاملي مع الحكام المستبدين المُسنين: يعيشون في عزلة في قصورهم، وكل تفاعل لهم يتم بوساطة موظفين جامدي المشاعر وخنوعين يحيطون بهم؛ لم يكونوا قادرين على التمييز بين مصالحهم الشخصية ومصالح شعوبهم".
وأشار أوباما إلى أنه كان على دراية بالمخاطر عندما دفع مبارك علناً للتنازل عن السلطة، لكنه اعتقد أنه لو كان شاباً مصرياً، "لربما كنتُ هناك" بين المتظاهرين.
أضاف في هذا السياق: "قد لا أتمكن من منع الصين أو روسيا من سحق معارضيهما. لكن نظام مبارك تلقى مليارات الدولارات من دافعي الضرائب الأمريكيين؛ لقد زوّدناهم بالأسلحة، وتبادلنا معهم المعلومات وساعدنا في تدريب ضباطهم العسكريين؛ وبالنسبة لي فإن السماح لمتلقي تلك المساعدات، لشخص نسميه حليفاً، بارتكاب أعمال عنف وحشية ضد المتظاهرين السلميين، أمام أنظار العالم كله، كان ذلك خطاً لم أرغب في عبوره".
صورة قاتمة ..عن السعودية
أما عن السعودية فقد تكونت لدى أوباما صورة قاتمة عن المملكة وفصلها الصارم بين الجنسين وقوانينها الدينية، وقال إن القصر حاول منحه مجوهرات فاخرة. وأضاف أنه "صُدم من الشعور بالقمع والحزن الذي يولّده مثل هذا المكان الذي يمارس الفصل، وكأنني دخلت فجأة إلى عالم أُسكتت فيه كل الألوان".
ويتحدث أوباما في كتابه عن أول لقاء له مع العاهل السعودي آنذاك، الملك عبدالله بن عبد العزيز، فيقول
"سألني الملك عن اخبار عائلتي، فقلت له إن ميشال والبنات يتكيّفن مع حياتهن الجديدة في البيت الأبيض، فشرح لي أن لديه 12 امرأة – ربما العدد الحقيقي كان يقارب الثلاثين – وقال إن لديه أربعين ولدا وعشرات الأحفاد وأبناء الاحفاد. قلت له:”آمل الا يُزعجك سؤالي، ولكن يا جلالة الملك، كيف توفق بين 12 زوجة؟ أجاب وهو يهز رأسه:"أجد صعوبة في ذلك، لأن ثمة واحدة منهن ستغار دائما من الأخرى، وهذا أكثر تعقيدا من السياسة في الشرق الأوسط".
ويروي أوباما هنا أنه تلقى هدية ثمينة لزوجته من الملك، لكنه رفضها على أساس انه ممنوع من تلقي الهدايا، ثم قال في مكان آخر:”فكرت بالقراصنة الصوماليين الذين طالبتُ بقتلهم، وكلهم مسلمون، وفكرت بالشبان مثلهم، من الجهة الأخرى القريبة من اليمن والعراق ومصر والأردن وأفغانستان وباكستان، حيث أن مداخيل كل حياتهم لن تصل أبدا إلى سعر هذا العقد الذي بين يدي. يكفي أن تدفع 1 بالمئة من الشباب إلى التطرف، كي يصبح عندك جيش من 500 ألف رجل مستعدين للموت لأجل المجد الأبدي، أو ببساطة، لكي يتذوقوا شيئا أفضل، أعدت العقد الى العلبة وأقفلتها وقلت، هي بنا إلى العمل".
أول رسالة سرية لخامنئي
يفرد أوباما في كتابه حيزاً كبيراً للعلاقة مع إيران فيقول "كنا طيلة عهدي، نتخيل كيف يمكن ان تكون الحرب مع إيران. كنتُ اخرج من هذه النقاشات مقتنعا بأنه لو حصل ذلك، فإنه سيضرب كل ما بنيته. ولهذه الأسباب فقد أمضيتُ مع فريقي وقتا طويلا في البحث عن كيفية منع إيران من الحصول على السلاح النووي".
يضيف : "فضّلتُ الخيار الدبلوماسي على اندلاع حرب جديدة، ووضعنا استراتيجية من مرحلتين، فيما كانت الجسور بين الحكومتين الأميركية والإيرانية مقطوعة منذ العام 1980. تمحورت المرحلة الأولى على إقامة علاقات مباشرة. وبعد أسابيع من وصولي الى السلطة بعثتُ عبر دبلوماسيين إيرانيين في الأمم المتحدة رسالة سرّية الى آية الله خامنئي أقترح عليه فتح حوار بين بلدينا حول مجموعة من القضايا، وبينها البرنامج النووي الإيراني. كان جواب خامنئي صادما: إيران ليست مهتمة بأية محادثات مُباشرة. ثم أفاد من هذه المناسبة ليقترح مجموعة من الأمور التي تسمح للولايات المتحدة الأميركية بالتوقف عن التصرف كسلطة مستبدة".
العلاقة مع إسرائيل:
كذلك تطرق أوباما في كتابة إلى العلاقة مع تل أبيب، حيث جمعت أوباما علاقات متوترة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خصوصاً في ما يتعلق بالاتفاق النووي، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة مع إيران، والذي لم يتناوله في الكتاب الذي يغطي الأحداث حتى عام 2011.
يصور أوباما نتنياهو على أنه سياسي بارع تواصل معه بعد انتخابه عام 2004 لمجلس الشيوخ الأمريكي، "لكن رؤيته لنفسه على أنه المدافع الأول عن الشعب اليهودي في وجه المحن سمحت له بتبرير أي شيء تقريباً من شأنه أن يبقيه في السلطة، كما أن معرفته بعالم السياسة والإعلام في الولايات المتحدة أعطته الثقة بأنه يستطيع مقاومة أي ضغط يمكن أن تمارسه عليه إدارة ديمقراطية مثل إدارتي".
فى الكتاب، يتذمر الرئيس السابق أيضًا من المعاملة التى تلقاها من قادة لجنة الشئون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك)، الذين شككوا فى سياساته تجاه إسرائيل. وكتب أوباما أنه "كلما تتحرك السياسة الإسرائيلية نحو اليمين، كلما تغيرت المواقف السياسية الكبيرة لـ AIPAC، حتى وإن اتخذت إسرائيل إجراءات تتعارض مع السياسة الأمريكية"، وأن المشرعين والمرشحين الذين "انتقدوا سياسة إسرائيل بصوت عالٍ يجازفون بأن يوصفوا بأنهم مناهضون لإسرائيل (وربما معادون للسامية)، ويواجهون خصوما ممولين بشكل جيد فى الانتخابات القادمة".
وأضاف أن شعوره بالالتزام تجاه المجتمع اليهودي يرجع إلى وجود "قصة مشتركة عن المنفى والمعاناة" جعلته "يحمى بشدة" حقوق الشعب اليهودي فى أن تكون له دولة خاصة به، لكن أيضا هذه القيم جعلته "من المستحيل أن يتجاهل الظروف التى أُجبر الفلسطينيون ــ فى الأراضى المحتلة ــ على العيش فيها".
واتهم أوباما نتنياهو ببذله جهد "ممنهج" لوضع إدارته فى موقف دفاعى لصالح إسرائيل، وأضاف: "ذكرني أن الخلافات السياسية العادية مع رئيس وزراء إسرائيلي سيكون لها تكلفة سياسية فى الداخل الأمريكي" لم تكن موجودة فى العلاقات مع أي زعيم آخر فى العالم.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10