ألوان الأعلام العربية ليست محض صدفة.. تعرف على قصتها

وكالة أنباء آسيا-هيا حمارشة

2020.07.15 - 02:45
Facebook Share
طباعة

 
"بيض وقائعنا.. سود صنائعنا.. خضر مرابعنا.. حمر مواضينا"، أحد أبيات الشاعر صفي الدين الحلي، لم يكن بيت شعر فقط، بل كان العمود الذي بنيت عليه رايات الأمة العربية.
في عام 711، فتح المسلمون الأندلس، وذلك في عهد الأمويين، فكان لون علمهم في ذلك الوقت هو اللون الأبيض فقط، أما الدولة العباسية فكان علمهم باللون الأسود حيث انتهى حكمهم عام 1258 م عندما غزا المغول بغداد، وقتلوا الخليفة العباسي المستعصم بالله ، في حين كانت راية الفاطميين ذات لون أخضر، في مصر.
معركة عين جالوت ( 1260م)
تعتبر معركة عين جالوت إحدى أبرز المعارك الفاصلة في التاريخ الإسلامي؛ إذ استطاع جيش المماليك بقيادة سيف الدين قطز إلحاق أول هزيمة قاسية بجيش المغول بقيادة كتبغا، و كتابة بداية النهاية لسيطرتهم على المنطقة. وبعد هذه المعركة ولد الشاعر العراقي (صفي الدين الحلي) عام 1277، ونشأ في الحلة، بين الكوفة وبغداد، واشتهر بمدحه للعرب والتغني بهم أثناء هزيمتهم للمغول، فقال البيت المشهور ضمن قصيدته:
سلي الرماح الـعوالي عن معالينا.. واستشهدي البيض هل خاب الرجا فينا
بيــض صنائعنا سود وقـائعـنا.. خضر مرابعنا حمر مواضينا
لا يمتطي المجد من لم يركب الخطرا .. ولا ينال العلا من قدم الحذرا.
وبعد مرور فترة طويلة، وتحديداً عام 1909، قرر المنتدى العربي الأدبي في الأستانة (وهم عبارة عن جماعة أملت وحلمت بوطن عربي مستقل وبعيد عن الاحتلال العثماني)، وضع علم للوطن العربي، فاختاروه من بيت شعر الشاعر صفي الدين، بحيث يوضع علم لشبه الجزيرة تحمل ألوان الأحمر والأبيض والأخضر والأسود، وذلك بحسب الكاتب والمؤرخ الفلسطيني عوني الجيوسي.
بعد مرور خمسة أعوام على فكرة العلم المستمدة من بيت شعر صفي الدين، وصلت الفكرة إلى الشريف حسين، الذي أثارت إعجابه، ولم يقم بتطبيقها، فقد انتظر لتحرير المنطقة من العثمانيين، فأعلن الثورة العربية الكبرى عام 1916، بمساعدة بريطانيا في الوقت الذي كانت فيه الحرب العالمية الثانية في أوجها.
وفي منتصف الثورة العربية الكبرى، وقع مارك سايكس العسكري البريطاني، اتفاقية مع جورج بيكو القنصل الفرنسي، لتقسيم منطقة النفوذ بين بريطانيا وفرنسا، ووضع فلسطين تحت إشراف بريطاني فرنسي، وبعد عام أرسل سايكس رسالة إلى هنري مكماهون ممثل بريطانيا في مصر، الذي أرسلها بدوره إلى ريجنالد وينكد الممثل الأعلى لبريطانيا، وذلك وفقاً للمكتب العربي من كتاب سياسة بريطانيا في الشرق الأوسط عام 1916_1920، للكاتب بروس ويستريت، الذي أورد في كتابه صورة لتصاميم الأعلام التي أوردها سايكس في رسالته، وتم نشره عام 1992، فكان محتوى رسالة سايكس: " أقترح عليكم بعض الرسوم والألوان التي تمثل الممالك العربية العباسية بالأسود والفاطميين بالأخضر والأمويين بالأبيض واللون الأحمر يرمز للهاشميين، والتي رسمتها خلال 25 دقيقة لتمثل رايات الدول العربية"، فكانت كل من (فلسطين، الأردن، سوريا، لبنان(رسمه بيكو)، مصر، الإمارات، الكويت، اليمن، السودان، العراق)، وبقيت هذه الرسالة محفوظة في مركز الشرق الأوسط للأبحاث في جامعة أكسفورد، ويذكر أن هذه الرواية تم ذكرها في كتاب سلام ما بعده سلام الذي يتحدث عن أحداث الحرب العالمية الثانية وأوضاع الشرق الأوسط للكاتب ديفيد فرومكين.
في هذا الصدد يتحدث المؤرخ السوري سامي المبيض لـ "وكالة أنباء آسيا" عن أصول الأعلام العربية قائلا إن "جميع هذا الأعلام ماخوذة عن علم الثورة العربية الكبرى الذي رفع سنة ١٩١٦ ضد العثمانيين، وتختلف الروايات عن من صممه، بين الشريف حسين بن على أمير مكة، وقائد تلك الثورة، وجعفر باشا العسكري وهو أحد أبرز قادتها، وأصبح بعدها علما رسمياً لسورية في فترة حكم الأمير فيصل بن الحسين، ما بين تشرين الأول ١٩١٨ وتمور ١٩٢٠، وبعد خلعه عن عرش الشام إثر معركة ميسلون، توج فيصل ملكاً على العراق في آب ١٩٢١، وأخذ ألوان العلم وشكله معه إلى بغداد، وكانت التجربة ذاتها مع ملك الأردن المؤسس عبد الله بن الحسين، شقيق فيصل، ومع دولة فلسطين التي اعتمدت ألوان الثورة العربية، فالأبيض يرمز إلى الدولة الأموية، والأسود الى العباسية، والأخضر للخلفاء الراشدين، والأحمر الى دم الشهداء".
تعددت الروايات حول مصمم الأعلام العربية ، وكل مؤرخ يذكر رواية خاصة به، وبقيت هذه المعلومات طي النسيان لفترة من الزمن، لحين توافر المراجع والكتب التي تستند إليها، وبين رسالة سايكس كدليل على الاحتلال المرافق لنا حتى في رايتنا، ورواية الشريف حسين بن على أمير مكة، وجعفر باشا العسكري، فإن الأكيد أن مصدر كل الأعلام العربية يعود إلى زمن انتصر فيه العرب على المغول وخلّد في بيت شعر صفي الدين الحلي ، حتى يومنا هذا.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 4