مع تهديد الأمن الغذائي.. هل تراجعت قدرة سورية في تأمين الخبز؟

وكالة أنباء آسيا – حبيب شحادة

2020.07.14 - 02:20
Facebook Share
طباعة

 
تُعاني سورية اليوم، بفعل الحرب والعقوبات، من تضارب الأنباء، حول قدرتها على تأمين رغيف الخبز للناس وسط صمت حكومي، يخرقه في بعض الأحيان تصريحات، لا تغني ولا تسمن من جوع، فسورية التي كانت تنتج 4 مليون طن قمح قبل العام 2011، أضحت اليوم تستورده.
وتشير تقديرات منظمة الأغذية والزراعة لهذا العام، أن نحو 700 ألف طن من المحصول الإجمالي للقمح، تُزرع في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، في حين أنّ المحافظات الثلاث التي تمثل أكثر من 70 في المئة من الإنتاج تقع في الغالب تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية "قسد".
القمح يواجه نقصاً حاداً
نشرت وكالة "رويترز"، الجمعة 10 تموز/ يوليو 2020، تحليلا ذكرت فيه أنّ مسؤولا في الأمم المتحدة قال إنّ "سوريا قد تواجه نقصاً حاداً في الخبز للمرة الأولى منذ بداية الحرب".
وجاء في تقرير "رويترز"، بحسب إفادة مايك روبسون ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة في سورية أنّ " ثمة أدلة بالفعل على أن الناس بدأت تستغني عن وجبات"، وإذا ما "ظلت العملة تحت الضغط فسيكون من الصعب الحصول على الواردات، وربّما تشهد الشهور التي تسبق محصول القمح لعام 2021 نقصا حقيقيا".
ويشير خبراء اقتصاديون إلى أنّ القمح هو الأساس لتأمين لقمة عيش السوريين بسعر مناسب، وبالتالي يحدد قدرة الحكومة في الحفاظ على الاستقرار في سورية خلال الأشهر المقبلة، خصوصاً مع تزايد العقوبات الاقتصادية الغربية، ودخول قانون قيصر حيز التنفيذ.
المخزون.. لا أرقام دقيقة
وفي هذا السياق لا تتوفر أيّة معلومات رسمية، أو بيانات دقيقة، حول الحجم الحالي لمخزون القمح الذي شهد ويشهد نقصاُ حاداً وفق تقديرات أُممية، وكم يكفي لتلبية حاجة السوق المحلية؟ كل ذلك في ظل الصراع والتنافس بين الحكومة و"قسد" للحصول على إنتاج العام الحالي من الفلاحين.
كما أنّ توريدات القمح لسورية عبر روسيا مستمرة، بحسب تقرير "رويترز"، لكنها تواجه مشاكل في السداد، وفي توفر السفن المستعدة لتسليم شحنات لتلك الوجهة، ما يعني أنّ سورية ستكون أمام أزمة حقيقة في إنتاج الخبز وتوفيره للناس، ودليل ذلك تخفيض المؤسسة العامة للمخابز سقف حصة العائلات من الخبز عبر البطاقة الذكية من أربع إلى ثلاث ربطات يومياً.
وتقدر حاجة سوريا من القمح سنوياً بين 2.7 و3 ملايين طن، حيث أن إنتاج القمح ليس ثابتاً في البلاد، ووصل في العام 2001 إلى 4.5 مليون طن، لكنه تراجع منذ سنوات نتيجة الحرب، ووصل في العام 2018 إلى 1.2 مليون طن، في حين كان من المتوقع أن يصل إلى نحو مليوني طن هذا العام". وفقاً لتقديرات خبراء اقتصاديين.
كلام حكومي
لا تعترف الحكومة، وربّما لا تهتم، بما يقال عن النقص الحاد عبر التقارير الدولية بمادة القمح، حيث قال وزير الزراعة أحمد القادري بحسب صحيفة عربية، إنّ " تحذيرات الفاو ليست جديدة"، وبأنّ "موسم التسويق هذا العام لا يزال مستمراً، ولن تعاني البلاد من مشاكل في تأمين القمح، في ظلّ استمرار إنتاجه محلياً".
من جهته كذّبَ مدير عام المؤسسة السورية للحبوب يوسف قاسم تقرير "رويترز"، وأكد أنّ الخبز متوفر في البلاد ولا توجد أيّ مشكلة حالية أو مستقبلية في تأمينه للسكان في المحافظات كافة، وقال في تصريح إعلامي إنّ "رغيف الخبز السوري في أمان".
لكن، ووفقاً لخبير اقتصادي (رفض ذكر اسمه لحساسية الموضوع) فإنّ القمح يُعتبر، خط أحمر بالنسبة للحكومة السورية، وأنه تم تأمين إمدادات للسوق المحلي من المناطق الشرقية، إضافة للاحتياطات التي تخزنها الحكومة.
كما نفى الخبير أن يكون هناك نقصاً بالإمداد، وأنّ دعم الخبز مستمراً، بغض النظر عن الجودة، مضيفاً أنّ النقص الداخلي يعوض من روسيا عبر شحنات، وصل منها 35 ألف طنا، وهناك 3 شحنات قادمة في الطريق إلى سورية، إضافة للتعاقد حول 100 ألف طن أيضاً.
ويعزو الخبير، الاختناق الحاصل في مادة الخبز، إلى السعر الغالي للقمح، ونتيجة الطلب العالي على الخبز داخلياً وليس لنقص الكميات، مبرراً ذلك بتوفر الخبز السياحي، الذي لا يعاني من الاختناق لغلائه، وهذا يعني وجود المادة وتوفرها، ولكن احتمال حصول الاختناقات مستمر وفقاً للخبير.
وأشار الخبير إلى أن تركيا وقطر تقومان بالاتجاهين بعرقلة وصول المحاصيل لمناطق الحكومة السورية، عبر التسعير كي تُغري الفلاحين لبيع المحصول للإدارة الذاتية، وعبر أمور عسكرية، وختم حديثه لـ "وكالة أنباء آسيا" بأن الخبز أهم من الكهرباء والدواء.
يذكر أن سوريا كانت من الدول المكتفية ذاتيًا بمادة القمح الاستراتيجية منذ أواخر القرن الماضي وحتى العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، ووفق التقديرات الرسمية بلغ متوسط إنتاج القمح قبل عام 2008 أربعة ملايين طن، تكفي لحاجة الإنتاج المحلي ويصدّر الفائض.
ومع بداية الحرب، وخروج مساحات زراعية واسعة عن سيطرة الحكومة، انخفض محصول القمح بشكل كبير وتفاوتت كميات الإنتاج خلال سنوات الحرب الماضية، لتبلغ العام الماضي 1.2 مليون طن فقط، ليكون أدنى إنتاج منذ 29 عامًا، بحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو).
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 5