أهو "نبض" لأدهم الشّرقاوي، أم ذبحة صدريّة؟

عادل شريفي

2020.07.04 - 10:30
Facebook Share
طباعة

 

طوال أيّامٍ دأبت على قراءة رواية "نبض" لأدهم الشرقاوي، المكنّي نفسه بقس بن ساعدة! رغم أنّها متعبة للفكر، لما فيها من صورٍ شعريّة متراصّة متراكبة كحبّ الرّمان، وكأن للكاتب ألف عين يرى من خلالها الأشياء فيفلسفها على هواه، وللصّراحة فإنّ كل كلامه حسن له طلاوة. رواية هي من أعجب وأصعب ما قرأت، لأن لا أحداث فيها فيما خلا حبّ البطل لحبيبته "نبض" طوال فصول الرّواية التي بدأها في الفصل الأول بحديثه عن الحرب، إلى أن يفقدها في نهاية المطاف في الفصل الرابع بطريقة تراجيديّة تغمز في قناة الأحداث السوريّة.
تنقّل أخّاذ ما بين التاريخ والسيرة النّبوية الشريفة والشعر مع حكايات جانبيّة لا تنتهي وحوار عذب بين بطلي الرّواية الوحيدين. لا يخلو الأمر من ملل أحياناً رغم تحايل الكاتب على المواضيع وتطويعها كيفما يشاء، وفي أي وجهة يريد. فلسفة في الجنون والدين والحرب والحب ولا أحلى مع كاتب متمكن بطريقة عجيبة، مثقف لدرجة مخيفة، مغرور واثق من مقدرته رغم حداثة سنه.
تدور أحداث الرّواية في بلد تشتعل فيه حرب طاحنة بين فريقين لا مجال للصلح بينهما! فريق من تابعي الديكتاتور، وفريق من رافضي العبوديّة، حرب طاحنة يفلسف قبحها ببراعة كاتب من الطّراز الأوّل، يستحق الاحترام على قلمه.
لكن ألم يكن من الأجدر به -وهو كاتب فلسطيني- أن يوجه قلمه باتّجاه فلسطين، قضيّته، وقضيّة العرب المحوريّة؟ ولكن مع الأسف لا شهرة لمن يتّجه صوب فلسطين، بينما كلّ من يكتب في المسألة السّورية بعين واحدةٍ، وقلمٍ يستعير المفردات الأمريكيّة فإنّه حتماً سيخطف الأضواء والشّهرة بزمن قياسي.
كلّ أهل الدّنيا، بمن فيهم عرّابو الرّبيع، وثّقوا جرائم حرب تقوم بها فصائل المعارضة المسلّحة، إلا صاحب النّبض، فهو يرى الثّوار صحابةً وأولياء لا يخطئون، بينما النّظام هو وراء كلّ شرور الأرض. ربّما سينجذب الكثيرون من أصحاب المواهب لمثل هذا الموضوع الشيّق الذي يؤمن لهم دخولاً لم يحلموا بها يوماً، وشهرةً كانت عصيّة على مخيلاتهم، ولكنّ لا بد أنّهم في المستقبل القريب سيخجلون من تقصيرهم وتركهم واجب الكتابة في قضيّة واضحة المعالم، مقابل الاستفاضة في أمرٍ لم يكونوا موضوعيين حتّى في التعرّض له. أخيراً فإنّ "نبض" الشّرقاوي لا بدّ أن يتوقّف، وستنسى النّاس تخطيط القلب الذي أجراه، فمثل هذه القضايا يخفت نورها بسرعة، تماماً كما توهّجت بسرعة.
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 6 + 9