"حكومة الإنقاذ" .. حبل النجاة الوحيد بألف عقدة وعقدة !

ألبير حسواني

2020.07.02 - 04:54
Facebook Share
طباعة

 

تخرج بين الحين والآخر دعوات لا تعدو أن تنطفىء حول ضرورة إقامة حكومة وحدة وطنية في لبنان أو ما يمكن تسميتها "حكومة إنقاذ" تكون مهمتها توحيد جهود الأفرقاء اللبنانيين لمواجهة هذه المرحلة الخطيرة والحساسة من تاريخ لبنان - سياسياً واقتصادياً واجتماعياً- والذي يصفها مراقبون بأنها المرحلة الأسوأ منذ انتهاء الحرب الأهلية في البلاد قبل أكثر من ثلاثين عاماً.
انطلقت مثل هذه الدعوات سابقاً من قبل العديد من السياسيين، بينهم دعوة نائب رئيس المجلس النيابي إيلي الفرزلي لتشكيل حكومة وحدة وطنية، وسبقه إليها أكثر من سياسي لبناني، ما زال هناك من يرى أن حبل النجاة الوحيد مما يقاسيه اللبنانيون هو في تشكيل حكومة إنقاذ .
لكن مصادر نيابية تقلل من أهمية هذه الدعوات وصعوبة تحقيقها في الظرف الحالي، وخاصةً في حالة الانقسام الكبير بين الأحزاب والتيارات اللبنانية، وفي ظل الضغط الخارجي الكبير على لبنان .
المصادر ترى أن هذه الدعوات لا يمكن أن تلقى أي استجابة من رئيسي الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة حسان دياب.
وتوضح المصادر أن دعوة الفرزلي أو غيره تبقى في حدود إطلاق صرخة لوقف الانهيار وقطع الطريق على ذهاب البلد إلى المجهول، وهي أقرب لجرس إنذار يدق ناقوس الخطر تقديراً منه أن الحكومة الحالية ليست مؤهلة للقيام بدور إنقاذي.
ورغم إقرار العقلاء بأن فكرة تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة أو "حكومة أقطاب" أو ما يعادلهم هي الخيار الأفضل، فإن مراقبون يعدّدون الصعوبات والعقد التي تعترض تنفيذ هذا الخيار، وأولها أنه لا يوجد إجماع داخل الحاضنة السياسية حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، وبعض الحاضنة وتحديداً "التيار الوطني الحر"، وإن كانت لديه ملاحظات على حكومة حسان دياب، يعتبر أنّ إسقاطها هو بمثابة الانتحار السياسي، واستسلام أمام قوى المعارضة التي حدّدت هدفها من البداية بتفشيل الحكومة وعهد الرئيس ميشال عون في آن معاً.
ويقول هؤلاء إنه حتى ولو مالَ الميزان الداخلي نحو تشكيل حكومة وحدة وطنية، فإنّ الأوفر حظاً لترؤسها هو الرئيس سعد الحريري، الّا انّ الحريري ليس جاهزاً لترؤس أيّ حكومة في هذا الظرف الذي يحرق كلّ من يقاربه.
ويبدو أن المعارضة على اختلاف مكوناتها، ترفض المشاركة في حكومة جديدة ، إذ هي تعتبر انّ مشاركتها في أي حكومة وأيّاً كان شكلها، هي إنقاذ للأكثرية الحالية من ورطتها، بل أقصى ما تريده هي ان تبقى في موقع المتفرّج على اكثرية تذوب سياسياً وجماهيرياً.
من هنا، يرى المراقبون إن الدعوة لتشكيل حكومة وحدة وطنية يجب أن تتلازم مع اتفاق مسبق يتناول جميع التفاصيل من تسمية رئيسها إلى التفاهم على أسماء الوزراء مروراً ببرنامج عملها، وكل هذه الشروط ليست في متناول اليد...
من جهة أخرى، يرى المؤيدون لهذا الخيار أن المعارضة نفسها لا تتفق على نفس الأهداف بخصوص حكومة حسان دياب، فالقوات تريد التصعيد بوجه العهد والحكومة بهدف إسقاطهما في لحظة تتخبط فيها حكومة حسان دياب بخلافاتها الداخلية.
تريد القوات قيادة الجبهة السياسية ضد عهد الرئيس عون ، وهذا ما لم يتردد جعجع في التعبير عنه ولو بطريقة غير مباشرة خلال إطلالته الأخيرة. جبهة يبدو أنها لن تبصر النور بسهولة، إلا إذا تدخل في نهاية المطاف طرف سياسي مؤثر وقوي (داخلي أو خارجي) ونجح بإعادة لمّ شمل ما كان يعرف بقوى الرابع عشر من آذار.
ورغم محاولات رئيس القوات اللبنانية في اتصالاته الأخيرة إعادة ترتيب جبهة سياسية ضد العهد والحكومة مع كل من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ​ ورئيس ​تيار المستقبل سعد الحريري​، إلا أن مصادر الاشتراكي ترى أن "هذا الأمر غير وارد على الإطلاق" مؤكدةً أن زمن المحاور والجبهات السياسية ولّى إلى غير رجعة، والمرحلة الدقيقة التي يعيشها لبنان تتطلب معارضة بناءة ضد الحكومة، وعلى قاعدة لا تمسّ بالسلم الأهلي لا من قريب ولا من بعيد، لأن البلد لم يعد يحتمل، بالإضافة الى كل ما يعيشه من أزمات وإنهيارات مالية وإقتصادية وإجتماعية، مزيداً من الخضات الأمنية في الشارع".
بدورها تستبعد مصادر تيار المستقبل إعادة إحياء جبهة ما كان يعرف بـ"14 أذار" وذلك لأسباب عدة، أهمها العلاقة غير المستقرة اليوم بين المكونات السياسية التي كانت أساس هذا الفريق، لا سيما بين تيار المستقبل والقوات اللبنانية، وثانيا، الظروف الإقتصادية والمالية التي يعيشها لبنان والتي يرى كل فريق حلولها من منظاره بطريقة مختلفة عن الآخر".
إذاً، يقول مراقبون إنه حتى لو كانت معركة إسقاط الحكومة قاب قوسين أو أدنى، فإنها لن تكون تحت قيادة جبهة معارضة موحدة، وثانياً فإن البديل عن هذه الحكومة - فيما لو سقطت - لن يكون حكومة وحدة وطنية كما تقتضي مصلحة لبنان واللبنانيين في هذه الظروف العصيبة .
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 4