خفايا الاستراتيجية الاميركية في الشرق الاوسط

وكالة أنباء اسيا

2023.07.19 - 09:05
Facebook Share
طباعة

 النفط، ضمان أمن إسرائيل وإستكمال مسار مشروع التطبيع معها، اضافة الى قطع الطريق امام الصين وروسيا وإيران في الشرق الاوسط، هذه هي أهداف الادراة الاميركية التي تنطلق من خلالها في تعاملها مع العراق والسعودية والامارات وصولاً الى مصر واليمن والبحرين، بحسب ما يتم تسريبه عن المسؤولين الاميركين وما ينشره المحللين في مراكز الابحاث الاجنبية، ففي هذا الإطار تستخدم أميركا ورقة الاقتصاد لفك ما تعتبره هيمنة إيران على العراق، فبحسب "فرزند شيركو" في معهد "Washington institute"، يمكن للضغط الاميركي المفروض على العراق للتصدي لتهريب الدولار وغسيل الدينار، أن يحمي سيادة العراق ويُضعف إيران، وبالتالي تعمل الولايات المتَّحدة على مزيد من الضغط على العراق من أجل هدفين متعلقين بإيران، ومواجهة النفوذ الصيني والروسي، حيث يكشف أحد التقارير، ان حوالي 80 في المائة من الدولارات العراقية المباعة في مزادات الدولار ذهبت إلى وجهات دولية، هي إيران وتركيا والأردن وسورية ولبنان والإمارات العربية المتحدة، باستخدام فواتير مزورة، ما دفع بالولايات المتحدة الى فرض تدابير أكثر صرامة على مزادات الدولار في مجال التدقيق والمعالجة، فطلبت من البنك المركزي العراقي استخدام نظام إلكتروني لعمليات تحويل الأموال.


وكشفت تقارير أخرى أن المعابر الحدودية في محافظتَي ديالى والبصرة المتاخمتين لإيران، إلى جانب مطارَي البصرة وبغداد، هي مراكز لشبكات تهريب الدولار غير المشروعة، وبالتالي تسعى الولايات المتَّحدة عبر اتصالها مع رئيس الحكومة العراقية لوقف ممرات التهريب وغسيل الأموال والدفع بتقليص الاعتماد على الجانب الإيراني عبر دفع بغداد لإعادة توجيه قطاع الطاقة العراقي بعيداً عن إيران، وهو ما يعني أن على حكومة بغداد أن تجد بدائل لواردات الغاز والكهرباء الإيرانية ومناقشة الجانبين الأمريكي والعراقي مساعدة الشركات الأمريكية والشركات الخاصة للعراق في تطوير قطاعه النفطي، وتشجيع بغداد للمضي قدماً في الاتفاقيات التي تم عقدها مع بعض دول الخليج، لاسيما ما يتعلق منها بالربط الكهربائي، الأمر الذي يرجح ممارسة واشنطن مزيداً من الضغوط على حكومة محمد شياع السوداني من أجل تقليص ارتباطها بالجانب الإيراني مع التلويح بإمكانية تفعيل سلاح العقوبات من خلال فرضها على بعض الشخصيات والكيانات العراقية، وهذا ما أشار إليه "Iraq shafaqna"، لافتاً الى ان الاهداف الاميركية تتمحور حول المحاولات الحثيثة لتمتين العلاقات العراقية الاميركية للحصول على مكاسب سياسية واقتصادية وقطع الطريق على روسيا وإيران.

وعلى الرغم من معرفة السعودية انه من الصعب ان ترفع الادارة الاميركية علاقتها الأمنية معها إلى تحالف، الا انها لا تزال تقدِّر المشاركة الأمنية الاميركية المعززة لحمايتها خارجياً وهذا ما تدركه وتستغله واشنطن بحسب ما يؤكد "Bilal Y. Saab" في معهد "mei"، مشيراً الى انه لا توجد شهية لدى الجمهور ومعظم النخب الاميركية لتشكيل تحالف رسمي مع السعودية، فيما يرى "ستيفن أ. كوك" و"مارتن س. إنديك" في مجلس العلاقات الخارجية، ان من الأهداف الأساسية للولايات المتَّحدة للدفاع عن المملكة هو النفط، وبالتالي ستركز المصالحة التي اقترحها "كوك وإنديك" على احتواء طموحات إيران الإقليمية مع زيادة التأكيدات الأمنية من الولايات المتحدة مقابل وساطة سعودية أكبر في أسعار النفط وخفض التصعيد في اليمن، والمزيد من التطبيع الدبلوماسي مع إسرائيل، فيما يتحدث "باراك رافيد" في "axios" عن تعاون أمني مع المملكة لمواجهة التهديدات الإقليمية من قبل إيران ووكلائها ونقل الأسلحة الإيرانية إلى روسيا لاستخدامها في أوكرانيا.


وهنا يتساءل الباحث جداليا أفترمان، في مقال بموقع "سنديكيشن بيورو"، عما إذا كانت الإستراتيجية الأميركية العالمية الحالية، بما في ذلك سياسة واشنطن تجاه الصين، ستؤدي إلى عودة ظهور الولايات المتحدة أو انسحابها التدريجي من منطقة الشرق الأوسط؟.


فما يجمع الولايات المتحدة وشركاؤها الخليجيون مصلحة أمنية وطنية حيوية في مكافحة سلوكيات إيران وبرنامجها النووي، بحسب ما يشير الكاتب "ويل ويشلير" في مجلَّة "ناشيونال إنترست" الأمريكية، لافتاً الى ان للولايات المتحدة مصلحة حيوية في تحديد السعر العالمي للنفط، لأسباب تمتد لاعتبارات أمنية واقتصادية، وهو ما سيدفع أمريكا والدول الخليجية لتخطي أسباب التوتر بينهما، كما يقول معهد "swiss info"، ويتفق معه "Enrique Fernández" في ""atalayar، حيث يرى انّ هدف الولايات المتَّحدة حسب الاجتماعات المتكررة بين الطرفين مكافحة التطرُّف ومواجهة التهديدات التي تواجه الجانبين في منطقة الشرق الأوسط "خاصة إيران" و"الحوثيين في اليمن" ومواصلة العمل على تعزيز اتفاقات إبراهيم وضمان نجاحها.


وفي هذا الإطار قال "Sakshi Tiwari" في "Eurasia n times"، إنَّ مفاوضات توريد الأسلحة بين الأمارات والولايات المتَّحدة، بدأت بأعقاب توقيع اتفاق إبراهيم بين الإمارات وإسرائيل, حيث كانت هناك تكهُّنَات بأن أي بيع من هذا القبيل لأبو ظبي يعتمد على موافقة ضمنية من تل أبيب.


وأشارت "Nadeen Ebrahim" في "cnn" إلى أنَّ الولايات تهدف لإبعاد الإمارات عن روسيا، بعدما ازدهر سوق العقارات في دبي حيث توافد الروس على مركز الأعمال الإقليمي وشراء العقارات وبدء الأعمال التجارية، وبحسب موقع " intelligence online"، تريد واشنطن إنهاء طريق التجارة بين دبي وروسيا، حيث أصبحت الإمارات العربية المتحدة مركزًا لتصدير البضائع إلى روسيا الخاضعة للعقوبات، وتحاول الولايات المتحدة إقناع جمارك دبي بوضع حد لذلك، حيث تعتمد شركة سوفكوم فلوت الروسية المشغلة للناقلات أكثر من أي وقت مضى على الروابط بين فرعها في دبي، وعشيرة شرف في الإمارات لضمان إبرام عقود لنقل النفط إلى الهند.


ولتحقيق اهداف واشنطن في البحرين المتمثلة بتشكيل تحالف مع إسرائيل لمواجهة إيران وحلفائها في المنطقة، ودعم الدول العربية للتطبيع مع إسرائيل، أنشأت القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية (NAVCENT) مجموعة عمل لتفعيل جهود مشتركة لتشغيل السفن السطحية غير المأهولة في المياه الإقليمية غير المأهولة مع البحرين في 23 فبراير، بحسب ما ألمح "Javad Heiran-Nia" في معهد "stimson"، فيما يشير موقع "ispionline" الى ان الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي بما فيها البحرين، يعملون على دمج أنظمة الدفاع الخاصة بها والهدف الأمن البحري للدفاع الجوي والصاروخي وإيران ومكافحة الإرهاب.


الاهداف نفسها تحاول واشنطن تحقيقها في مصر، وتعمل على تنفيذها انطلاقاً من نقطة أساسية، وهي الرغبة المصرية في تحسين الاقتصاد مقابل حماية إسرائيل، ولذلك قامت الولايات المتَّحدة بإشراك مصر في عمليات التنسيق الأمني والتطبيع الحاصل بين الدول الخليجية وإسرائيل، ومواجهة النفوذ الروسي في أفريقيا، ومنع تطور العلاقات بين مصر وروسيا، وفق "كيلي سادلر" في "Washington times"، فيما كشف "Nick turse" في موقع "the intercept"، أنَّه في مايو 2022، وافقت وزارة الخارجية الأمريكيَّة على بيع صواريخ TOW "الهجوم الثقيل" والمعدات ذات الصلة إلى مصر مقابل 691 مليون دولار، وفي الشهر الماضي فقط، منح الجيش الأمريكي شركة Boeing عقدًا بقيمة 426 مليون دولار لإنتاج 12 طائرة هليكوبتر جديدة من طراز CH-47F Chinook للقوات الجوية المصرية.


كما أشارت المحللة السياسية "عائشة الرشيد"، أنَّ الولايات المتَّحدة تريد من مصر أن تكون محور للانطلاق اتجاه أفريقيا ووصف الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأمريكيَّة إلى مصر، بسبب شكاوى فرنسية وأوروبية لأمريكا، تتعلَّق بانقلاب القارَّة السمراء على فرنسا، واستبدال فرنسا بروسيا والصين, وبالتالي تريد من مصر أقناع الأفارقة بعدم الانجرار نحو الصين وروسيا.


اما في اليمن، حيث تتعمد الولايات المتحدة إطالة الصراع فيه، لجني أرباح كبيرة من صفقات الأسلحة، فيؤكد معهد "كوينسي" الأمريكي إنَّ الولايات المتحدة لا تزال متورطة في تمكين الأعمال العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، لما يحقق ذلك العديد من المصالح، بدءاً من تخويف دول الخليج، إلى الصفقات العسكرية والاقتصادية المتتالية، وصولاً إلى إنهاك المحاور المعادية لها في اليمن، وهنا رجح مركز "صوفان" الأمني الأمريكي، أن يظل الحل الدائم في اليمن بعيد المنال خلال عام 2023، وهذا ما شدد عليه موقع "fars news"، مشيراً الى ان واشنطن حققت بالفعل أرباحًا هائلة من الحرب من خلال صفقات السلاح، ويعتزم رجال الدولة الأمريكيون إقامة دولة تابعة في اليمن من أجل وضع الأمة تحت سيطرتهم.


وأشار "Kali Robinson" في معهد الدراسات الخارجيَّة "cfr"، إلى ان هناك مصالح أمريكية تتعلَّق بأمن الحدود السعودية، والمرور الحر في مضيق باب المندب، وهو نقطة الاختناق بين البحر العربي والبحر الأحمر وشريان حيوي للنقل العالمي للنفط.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 1