خطرُ الذكاء الاصطناعي قد يُضاهي خُطورة الحرب النووية

يانا العلي - سورية- خاص وكالة أنباء آسيا

2023.06.22 - 09:49
Facebook Share
طباعة

يعتقدُ البعض أن الذكاءَ الاصطناعي قد يؤدي إلى تَحقيقِ ما يُشبهُ مَشهداً من أفلامِ الخيالِ العلمي، حيثُ تُسيطرُ الروبوتات والحواسيب الذكية على العالمِ، ويَحكُمها البشر بشكلٍ كامل. على الرغمِ من أنَّ الذكاءَ الاصطناعي قد يُفيدُ البشرية بشكلٍ كبير،إلا أنَّ الخوف الأساسي يتمثلُ في انتهاكِ خصوصيةِ الأفراد، وتجاوزُ حدود السيطرةِ البشرية. كما أنهُ قد يَتسببُ في فُقدانِ فرصِ العمل للبشرِ وتَعريضهم للتهديد.


فإلى أي حد يُمكن أن يصل الذكاءُ الاصطناعي؟ وهل يُمكن له أن يتفوق على البشرِ الذين ابتَكروه، فيتسببُ في انهيارِ حَضارتهم على غِرار ما نُشاهدهُ في أفلامِ الخيالِ العلمي؟
للحديث عن آخرِ التطوراتِ و التوقعات والمخاوف كانَ لوكالةِ أنباءِ آسيا لقاء مع البروفيسور في كُليةِ الهندسة التقنية و رئيس قسم هندسة الأتمتة الصناعية الدكتور المهندس ثائر إبراهيم حيثُ قال: " أصبحَ الذكاءُ الاصطناعي أمراً حَيوياً في كثير من مَجالاتِ الحياة، وأصبحت الاستفادة من تقنياتهِ ضرورة مُلحّة. فالمجتمع السوري المَحلي مُقتنع بالفوائدِ الكُبرى التي يَجلُبُها الذكاءُ الاصطناعي في مختلفِ نَواحي الحياة. ومن واقع تَجربَتي الشخصية مع طُلابِ الماجستير والدكتوراه، هناكَ العديدُ من الأبحاثِ التي نَعملُ عليها والتي تَتمحورُ حولَ استثمار تقنيات الذكاء الاصطناعي في الكثيرِ من المجالاتِ الصناعية والخَدمية والصحية ."


وأضاف د.ثائر :" تتزايدُ المخاوف حولَ خطر الذكاء الاصطناعي، عِلماً بأنَّ خُبراء في هذهِ التقنيةِ قالوا إنّ العالمَ لا يزالُ بَعيداً عن تطويرِ أنواعِ الذكاء الاصطناعي، والتي مِنها ما يُمكن أن يَنطلق من تلقاءِ نَفسه ويعيدُ تَصميمُ نَفسه بمعدلٍ مُتزايد باستمرار، والذي سَيُكافح البشرُ المحددون بالتطورِ البيولوجي لمواكبةِ ذلك. على سبيلِ المثال، التطبيقاتُ المشابهة لروبوت المُحادثة "تشات جي بي تي" (ChatGPT)، يُمكنها بالفعلِ أن تَتحولَ إلى أداةٍ لنشرِ المعلوماتِ المُضللة، ورُبما تُمثلُ في القريبِ العاجلِ خَطراً على الوظائفِ وعلى البشريةِ برُمتها.


في الحقيقةِ، نحنُ الآن في المرحلةِ الأولى فقط من الذكاء الاصطناعي، وهناك مرحلتان اثنان. يَخشى بعضُ العلماءُ أن تهدد بقاء الجنس البشري.


إنّ أجراس الخطر التي تدقُ تَحذيراً من الصورةِ الجديدة للذكاء الاصطناعي تصمُ الآذان. التحذيراتُ الأعلى صوتاً يُطلقها مُصممو تلك التقنياتِ والذين وَصفوا الذكاء الاصطناعي بأنهُ خطر وجودي يهددُ البشرية ويُضاهي خُطورة الحرب النووية!


لكن من وجهةِ نَظري، أرى أن هُناك ضَرورة لتنظيمِ هذه التقنية، قبل أن تقع أي كوارث. حيثُ أنه مُنَ المُؤكد أن تطويرَ الذكاءُ الاصطناعي ينشطُ على قدمٍ وساق، لذلك لابّدَ من الحذرِ منهُ والتخوف مما يمكن أن يُفضي إليه."


ومن جانب آخر قال د.إبراهيم:" إنّ الذكاء الاصطناعي والتطورُ التكنولوجي فرصة لسورية، لأن هذهِ البنية حتى اللحظة لم تستثمر بشكلٍ صحيح، العالمُ مُتجه نَحو الأتمتة، ونحنُ ما زلنا ببدايتها لعدةِ أسباب أهمها العقوبات ليس الحالية فقط، بل سورية تُعاني من العقوبات منذ عام 2005، بما يخصُ موضوع البرمجيات والتطبيقات ووسائل التواصل.


هُناك تَزاحماً على الذكاءِ الاصطناعي مِن بعضِ الدول الصديقة كروسيا والصين، وضِمن التموضع العالمي قد تكون هُناك فرصة لسورية. وهنا أودُ أن أُشير إلى أن هُناك اتفاق سوري صيني على خطةٍ طَموحة لإدخالِ الذكاء الصناعي في التعليمِ و تطوير البنية التعليمية في سورية بتقنياتٍ متطورة. لابدَّ من التشديدِ على تَوافر البنية التحتية اللازمة لذلك، من سرعةِ انترنت عالية ومتوفرة وتغطيةٍ شاملة ذات تكلفة معقولة إضافة إلى تَوافرِ المُعدات الرقمية.


نحنُ اليوم، للأسف، نُعاني من تَدني أجور العمالة السورية مُقارنة بالعمالةِ الأخرى حتى ضمن السوق الخفي أو القطاع غير المنظم. حيثُ أنّ هناك عددٌ من الشبابِ السوري يعملُ بتصديرِ البرمجيات سواء برامج أم تصاميم أو غيرها بأسعارٍ منخفضةٍ مُقارنةٍ بالدولِ المستقبلة لهذهِ البرمجيات، وما سهّل هذا العمل إضافة لتدني أجورهِ، انتشار العملُ عن بُعد وشيوعهِ مؤخراً وعدم الحاجة لاقتران رب العمل بالعامل.


انطلاقاً من ذلك أرى أنّ الاستثمار في الذكاءِ الصناعي في سورية ليسَ ترفاًعلمياً بل أنه على العكس سيوفرُ لنا فرص عملٍ لكثيرٍ من الشباب، فلدينا خُبرات كبيرة في هذا المجال والسوريون مُتقدمون به وخيرَ دليل الشباب السوري العامل اليوم في دولِ الخليج."


وأوضح د. ثائر" تتطورُ تقنيات الذكاء الاصطناعي بسرعةٍ كبيرة، وتصبحُ أكثرَ تعقيداً كل عام، وتكمنُ الخطورة في دمجِ تقنيات الذكاء الاصطناعي مع الروبوتات، مما قد يتسببُ بظهورِ آليات خطيرة، خاصة إذا وصلت تلك الآليات إلى مرحلةِ الوعي أو الإدراك الذاتي فتبدأ الروبوتات بالتفكيرِ والتصرف من تلقاء نفسها، فيحصلُ ما تتخوف منه أفلام الخيال العلمي من تمردها على البشر وربما يصلُ الأمر إلى الحرب عليهم.


لكن كي نُطمئنكم، فإن السيناريو أعلاه يظلُ -حالياً- بعيداً عن الواقع، ولا يُنتظرُ أن يتحقق في المستقبل المنظور، ولكن هناك أشياء أخرى أكثر واقعية يجب أن نَخشاها من تطور الذكاء الاصطناعي، نبرزها هنا:


- فقدان الوظائف بسببِ عمليات الأتمتة التي تجعلُ الآلات تتولى المهام البشرية بدقةٍ وسرعة عاليتين، فتَستغني المصانع بذلك عن آلافِ القوى البشرية العاملة.


- انتهاك الخصوصية عبر تقنيات المراقبة الاجتماعية التي تدرسُ سلوك المستخدمين خاصة عند استخدامهم الهواتف الذكية والحواسيب. "بصمة الوجه"، وهي من الذكاءِ الاصطناعي الذي بات كثيرون يَخشون من تبعاته على خصوصيتنا وحقوقنا نحنُ البشر.


- أما ما يخيفُ أكثر فهو تطويرُ أسلحة مُستقلة مدعومة بالذكاءِ الاصطناعي، مثل الروبوتات المقاتلة، أو الطائرات المسيّرة الذكيّة المُسلّحة التي يترك لها حرية تحديد الأهداف وخطورتها وتنفيذ الهجمات عليها، حيث قد يؤدي سوء تقدير تلك التقنيات أو خطأ في حساباتها إلى ارتكاب فظائع لا تحمدُ عقباها.


- وهُناك مخاطر أخرى عديدة للذكاءِ الاصطناعي مثل التلاعبُ الاجتماعي من خلال خوارزميات، وافتعالُ الأزمات المالية.


- لكن الخطر المستقبلي الذي يجب الحذرُ منه هو فقدان السيطرة على الذكاءِ الاصطناعي الخارق


وهذا قد يكون في مرحلةِ ما في المستقبل، عندما تصلُ الآلات إلى درجةِ من التطورِ تَمنحها القدرة على الاستقلاليةِ في التفكيرِ، حينئذ لن تعودُ السيطرة عليها سهلة، وربما تتمردُ على صانعها، فتهددهُ ليسَ في رزقهِ فَحسب، وإنما في بقائهِ."


أما من وجهةِ نظرٍ ثانية كان لوكالة أنباء آسيا لقاء مع الخبير الإعلامي حسين الإبراهيم حيثُ قال:" يواجهُ المجتمعُ السوري تحدياتٍ مُتعددة في هذا المجال مثل ضعفِ البُنية التحتيةِ التكنولوجية، ونقصُ الموارد المالية، والتحديات القانونية والأخلاقية. ويُمكننا تحويلُ هذهِ التحديات إلى فرصِ مِن خِلالِ الاستثمار في تَطبيقاتِ الذكاء الاصطناعي، وهذا يتمُ باعتمادِ استراتيجية مُتكاملة للحدِ من النموذج الاستهلاكي في هذا المجالِ والارتقاء إلى المستوى الاستثماري والإبداعي، وهو ما يَتطلبُ تأهيل أجيال قادرة على تغييرِ نموذج الحياة التقليدي باتجاهِ التفاعل مع التقاناتِ الحديثة من البوابةِ الإنتاجية وليسَ من بوابةِ الاستهلاك."


وأضافَ أ.الإبراهيم: " المجتمعُ السوري لا يتعاملُ مع الموضوعِ بجديةٍ، على الرغمِ من أن الذكاء الاصطناعي من أهمِ التقنيات الحديثة التي تُستخدمُ في العديدِ مِن المَجالات الحيوية والاقتصادية والاجتماعية، ولكن الاستخدام الواسع للذكاءِ الاصطناعي لا يَزال محدوداً في مُجتَمعِنا بشكلٍ خاص. كما أن تطور الذكاء الاصطناعي يثيرُ العديد من المخاوف المُتعلقة بالتأثيرِ السلبي الذي يمكنُ أن يحدث على المستوى الاجتماعي والاقتصادي والأخلاقي. ومن بين هذه المخاوفِ عدم المساواة والخصوصية والإمكانات الضعيفة في التحكم والأثر الاجتماعي، وعدم وضوح القيم الأخلاقية أو فقدانها في التكنولوجيا.كما يمكنُ للذكاءِ الاصطناعي أن يحل محل البشر في العملياتِ الصناعية المتكررة، وفي العمليات الإدارية والمالية، وفي الخدماتِ اللوجستية والتسويقية، وفي القطاعِ الصحي والتعليمي والقانوني، ولكن في نفسِ الوقت، يمكن أيضاً للذكاءِ الاصطناعي أن يؤدي إلى إنشاءِ فرص عمل جديدة، وخاصةٍ في المجالات المرتبطة بتطويرِ وتطبيقِ الذكاء الاصطناعي. ولذلك، يجبُ النظر إلى الصورةِ الكاملة وتقييمُ الآثار الاجتماعية والاقتصادية لتطورِ التكنولوجيا المتقدمة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، واتخاذُ الإجراءات اللازمة للتعاملِ مع الآثارِ السلبيةِ المُحتملة.


ومن الجانب الأخر، يُمكن للتكنولوجيا المُتقدمة والذكاء الاصطناعي أن يساعد في حلِ بَعض المشاكل العالمية، مثل تطويرُ العملية التعليمية، وتحسينُ الواقع الصحي، وزيادة مستوى الاستثمار في العقلِ البشري، وزيادةِ الإنتاجية، والحد من الفقر. ويمكنُ ذلك من خلالِ استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في عدةِ مَجالات، ومنها: التنبؤُ بالكوارثِ الطبيعية والتغير المناخي: يمكنُ استخدام التكنولوجيا المتقدمة والذكاء الاصطناعي في تحليلِ البيانات والتنبؤ بالكوارث الطبيعية مثل الأعاصير والزلازل والفيضانات، وتوفيرُ التحذيرات المبكرة للمناطق المهددة."


إذاً،هي المرحلةُ الأولى فقط في الذكاءِ الاصطناعي، وحملت الكثيرَ من الآمالِ والتحذيراتِ والتوقعات. فكيفَ حال المراحل المُتقدمة إذاً ؟!! هل يجب الخوف من الذكاءِ الاصطناعي والابتعاد عنهُ تفادياً للكوارثِ أم يجبُ العملُ على الانغماسِ فيهِ تماشياً مع التطوراتِ في العالم؟ دعْ لصوتِ عَقلكَ القرار. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 7