الترسيم البحري يُغرق المادة 52 بالإجتهادات.. والحسم للرؤساء

زينة أرزوني – بيروت

2022.10.15 - 06:44
Facebook Share
طباعة

 انطلاقاً من مبدأ الحق في الوصول إلى المعلومات، وبناءً على دور مجلس النواب الرقابي، طلب الرئيس نبيه برّي من الأمانة العامة للمجلس إيداع نسخة من ترسيم الحدود البحرية الجنوبية اللبنانية لكلّ من النواب للإطلاع عليها بعد إقرارها في مجلس الوزراء.

طلب الرئيس بري جاء بعد انتهاز عدد من النواب وجودهم في الجلسة الثانية لانتخاب رئيس للجمهورية، ومطالبتهم بالحصول على نسخة من الاتفاق للطلاع عليها.

في هذا السياق، أعلن النائب ملحم خلف عن توجيه كتاب إلى الرئيس برّي ينصّ على "أنّ اتفاقية الهدنة نصّت على أنّ حدود لبنان هي الحدود الدولية استناداً إلى إحداثيات آذار عام 1949 لكننا علمنا من الإعلام أنّ الحدود البحرية رُسّمت بوساطة أميركية، وبما أنه لا يجوز التخلي عن أراضي البلاد، وعلماً أنّ الاتفاقات التي تتعلق بمالية الدولة لا يملك رئيس الجمهورية حقّ إبرامها إلا بعد موافقة المجلس النيابي لذلك يجب إطلاعنا على نصّ الاتفاق".

وتساءل خلف انه "في حال كان الاتفاق بمثابة محضر أو رسالة، فلماذا قاد رئيس الجمهورية المفاوضات وليس وزير الخارجية؟ كما أنّ الاتفاق يُشير إلى التزامات متبادلة، ويذكر في بنوده كلمة "طرفان"، ممّا يعني أنّه ليس رسالة من طرف واحد بل اتفاق مع طرف آخر".

وشدّد النائب خلف على وجوب إطلاع المجلس النيابي على الاتفاقية وتوقيعها انطلاقاً من المادة 52 من الدستور، ويبرّر مطلبه بأن للاتفاقية تبعات ماليّة وشروطاً دولية وتجارية.

في الاطار نفسه، طالب تكتل "النواب التغييريون" رئيس المجلس بالدعوة الى عقد جلسة طارئة للمجلس النيابي في موضوع ترسيم الحدود تبعاً لما تقتضيه المادة 52 من الدستور اللبناني، وسائر المواد الدستورية والقانونية والمعاهدات الدولية، واتفاقية الهدنة التي ترعى الحدود الدولية المعترف بها دولياً، لتمكين النواب من اتخاذ الموقف المناسب حياله كشرط جوهري لإبرامه.

وتنص المادة المذكورة على أنّ "المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة والمعاهدات التجارية وسائر المعاهدات التي لا يجوز فسخها سنة فسنة، فلا يمكن إبرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب".

واستند النواب التغييريون في طلبهم بداية إلى "اتفاقية الهدنة المعقودة بين لبنان والكيان الإسرائيلي عام 1949، التي أقرّت بناءً لقرار من مجلس الأمن سنداً لأحكام المادة 40 من الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة".

طلب النواب استند ايضا إلى انضمام لبنان إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار التي تشير إلى أن الترسيم البحري له مرتكزات قانونية ومعايير تقنية يتوجب اعتمادها لا سيما لجهة الربط بين الترسيم البحري والبري، وتشير اتفاقية فيينا الدولية التي تتعلق بالمعاهدات الدولية والاتفاقيات الدولية إلى أن الاتفاقيات والمعاهدات يمكن أن تأخذ أشكالاً قانونية عدة.

من الواضح ان نواب التغيير درسوا نظام المجلس جيداً، وطالعوا الاتفاقيات ومواد الدستور ليستندوا اليها في طلبهم بحسب مصادر سياسية، التي استغربت في حديثها لوكالة انباء اسيا عن اصرار هؤلاء النواب على عرض الاتفاق على المجلس، واضعة هذه الدعوات في "خانة غير بريئة".

الجدل حول امكانية مناقشة الاتفاق في البرلمان من عدمه، حسمه الرئيس بري، حيث اكد أن هذا النص لا يستلزم نقاشاً في البرلمان "لأنه ليس اتفاقاً مع إسرائيل".

في السياق نفسه، اكد رئيس الجمهورية ميشال عون، خلال اعلان موافقته على النسخة النهائية من اتفاق الترسيم، ان هذا الاتفاق لم يدخل في اي نوع من انواع التطبيع المرفوض.

وتوضيحاً لعدم عرض الاتفاق على البرلمان لمناقشته، يشير عضو كتلة "التنمية والتحرير" النائب قاسم هاشم الى أن الاتفاق لن يُعرض على مجلس النواب، ولن يُبدي الأخير رأيه به لجهة التصويت أو المصادقة عليه، لأن النص القانوني للاتفاق لا يُعدّ اتفاقيةً، بل تفاهماً، والمادة 52 من الدستور تُلزم بموافقة مجلس النواب عند الاتفاقيات الدولية فقط، موضحا ان أن تصويت مجلس النواب لا يتم إلّا عند عقد الاتفاقيات الدولية، ولو كان هذا هو السيناريو الحاصل في ملف الترسيم الحدودي، لكان الاتفاق بمثابة تطبيع.

هذا الرأي تشاطره فيه الخبيرة في قانون النفط والغاز لما حريز، مشيرة إلى أن الاتفاق سيكون عبارة عن رسالة، وليس بمثابة اتفاقية بمعناها القانوني أو معاهدة دولية ليوافق عليها مجلس النواب، ولا شرط بإطلاعه عليها، لكن من الأفضل عرضها على النواب في جلسة نيابيّة من دون التصويت عليها.

اما أستاذ القانون الدستوري في الجامعة الأميركية في بيروت، المحامي الدكتور أنطوان صفير، فيرى أن تداعيات الاتفاق ستكون بمثابة نتائج المعاهدات والاتفاقيات، والموضوع استراتيجي ومهم، لأنه يتعلّق بترسيم حدود بحرية واستخراج الثروات، وهو مرتبط بعقود مقبلة وأجيال صاعدة. لذلك لا يجوز أن يتم التوقيع إلّا بموجب المادة 52 من الدستور التي تفرض على الحكومة إطلاع المجلس النيابي على الاتفاقيات وأخذ موافقته.

وعن امكانية توقيع رئيس الجمهورية على الاتفاق، يؤكد مصدر رفيع ومقرب من الرئيس عون ومفاوضات الترسيم، لوكالة انباء اسيا ان رئيس الجمهورية لا يوقع اتفاقاً بالمباشر مع اسرائيل.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 7