لا شك أن ما يشهده العالم من تغيرات طبيعية؛ سواء فيضانات - كما حدث في باكستان - أو أعاصير وعواصف عاتية، وهو ما شهدته بعض الولايات الأمريكية وخلفت دمارًا واسع النطاق أو حرائق في الغابات المختلفة مثلما شهدته غابات الأمازون في البرازيل، بالإضافة إلى التغيرات الجذرية في طبيعة فصول السنة واستمرار تدفق الانبعاثات الكربونية الملوثة للبيئة حول العالم خاصة من قبل الدول الصناعية الكبرى والمسئولة عن التغيرات المناخية وتأثيراتها السلبية التي يشهدها العالم كل تلك الظواهر وغيرها تؤكد الأهمية القصوى التي يوليها العالم كله لمناقشات واجتماعات والنتائج التي سوف تخرج عن قمة الدول الأطراف المعنية بالتغير المناخي "كوب ٢٧" والمقررة الشهر المقبل في مدينة شرم الشيخ الساحرة.
وبالتالي فإن الهدف الرئيسي الذي تسعى مصر لدعمه خلال القمة المقبلة هو الحصول على تعهدات حقيقية من قبل الدول الكبرى بدعم جهود الدول النامية والدول الإفريقية لمواجهة التغييرات المناخية القاسية والتي ضربت مفاصل اقتصاديات تلك الدول في مقتل خاصة ما شهدته الأراضي الزراعية بها من اتساع رقعة التصحر وانخفاض مساحة الأراضي الزراعية وبالتالي تهديد الأمن الغذائي في تلك الدول والتي تعاني في الأساس من مشاكل وتواجه تحديات اقتصادية ضخمة في مسألة الأمن الغذائي وتوفير احتياجات المواطنين.
و لذا فإن الخروج بنتائج إيجابية خلال اجتماعات قمة كوب ٢٧ في شرم الشيخ تساهم في الإسراع بوتيرة العالم لتنفيذ تعهداته والتزاماته بشأن مواجهة تداعيات التغير المناخي خاصة وأن الدول الكبرى لم تلتزم حتى الآن بتعهداتها بتوفير مبلغ ١٠٠ مليار دولار سنويا لدعم الدول النامية لمواجهة التغير المناخي وهو التحدي الأكبر أمام القمة المقبلة في ظل الازمات والخلافات السياسية الكبرى التي يواجهها العالم والتي سوف تلقي بظلالها على فعاليات القمة ونتائجها خاصة إن القارة الأفريقية تحتاج لتمويل يصل لـ 331 مليار دولار لمواجهة تغيرات المناخ حتى عام ٢٠٣٠ علي الرغم من أنها الأكثر تأثرا بالتغيرات المناخية والأقل سببا في إحداث التغيرات المناخية على مستوى العالم .
وأعتقد أن الاستثمار في المناخ في ظل التغييرات الكبرى التي يشهدها العالم الآن أصبح ضرورة ملحة لكافة دول العالم سواء الدول الصناعية الكبرى والتي تتحمل العبء الأكبر من تداعيات التغير المناخي السلبية على العالم خاصة الدول النامية والقارة السمراء أو الدول التي تسعى لمواجهة تلك التداعيات منتظرة دعمًا دوليًا – ربما لن يأتي – في ظل متغيرات اقتصادية وجيوسياسية يشهدها العالم منذ اندلاع الحرب الروسية – الأوكرانية وما شهدته من تطورات ولكن ما زال الأمل معقودا على الجهود المصرية مع دول العالم لدعم الدول النامية والقارة الإفريقية لمواجهة التغيرات المناخية وتداعياتها.