كتب باسل جاسم: هل تعزّز فنلندا والسويد الناتو؟

2022.05.26 - 06:05
Facebook Share
طباعة

 جاءت عملية روسيا العسكرية في أوكرانيا بنتائج عكسية "حتى اليوم"، لا سيما في الشق المتعلق بتوسع حلف شمال الأطلسي (الناتو)؛ حيث تقدّمت فنلندا والسويد بطلب الانضمام إلى الحلف، منهيتَين عقوداً من عدم الانحياز. وتعزّز خطوة البلدين هذه التحالف العسكري الغربي الذي أراد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إضعافه .. وسيعيد تقدّمهما بطلب العضوية في "الناتو" تحديد التوازن الأمني في أوروبا، بغض النظر عن النتائج النهائية للأزمة في أوكرانيا.

تتمتع السويد وفنلندا بوضع الدول الشريكة في حلف الناتو، وتشاركان في كل مناوراته تقريباً، وشاركتا في عملياته في أفغانستان والبلقان، وشاركت السويد في حملته الجوية في ليبيا عام 2011. مع ذلك، منذ بدء المعارك في أوكرانيا، اكتسبت قضية الدخول المحتمل لها ولفنلندا، وهما بلدان اسكندنافيان، في الحلف زخماً جديداً، وبدأت سلطاتهما، ومسؤولو "الناتو" أيضا مناقشتها بنشاط. وصرّح الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، مراراً وتكراراً، بأنّ الحلف مستعد لقبول الدولتين على أساس متسارع، نظراً إلى أنّ قواتهما المسلحة تمتثل تماماً لمعايير "الناتو".

من الواضح أن حلف شمال الأطلسي قرّر اغتنام اللحظة، "أزمة أوكرانيا"، وأصبح حافزاً للمناقشات بشأن إمكانية الدخول السريع للسويد وفنلندا فيه. وهذه بالطبع فرصة أخرى له لإزعاج موسكو، من خلال الاقتراب نحو الحدود الروسية، من الشمال هذه المرّة.

وتظهر استطلاعات الرأي التي أجريت في إبريل/ نيسان الماضي في السويد وفنلندا أنّ الطلب على الانضمام إلى "الناتو" قد نما، إلى حد كبير، وهو التأثير الذي كان التحالف يعتمد عليه. واليوم، ترغب غالبية الفنلنديين، وأكثر من نصف السكان السويديين الذين شملهم الاستطلاع في رؤية بلدانهم في الناتو (68% في فنلندا و57% في السويد).

حتى وقت قريب، كان من الصعب إعطاء توقعات واضحة للتطورات، وفرصة انضمام ستوكهولم وهلسنكي إلى حلف الناتو كما هي معروضة اليوم في الغرب، فقد كانت سلطات هذه الدول متردّدة، فهذا بالنسبة لها قرار صعب للغاية، نظراً إلى طبيعة المواجهة بين روسيا وحلف شمال الأطلسي في الأشهر الأخيرة، والتي تصاعدت إلى أقصى حد، كما أنه لم تكن هناك رغبة لا لدى السويد، ولا لدى فنلندا، في أن تصبحا ورقة مساومة بين نارين.

لا يتوقف الأمر على مجرّد اشتراك فنلندا فقط في حدود برّية بطول 1300 كيلومتر مع روسيا، لكنّها توفر قدرات دفاعية وأمنية قوية جاهزة لأي معركة، برّياً وبحرياً وجوياً، وفي الفضاء الإلكتروني كذلك. وبصفتها دولة شريكة لحلف شمال الأطلسي، فإن لدى قوات فنلندا وأنظمتها العسكرية قابلية للتشغيل المتبادل مع الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى، وكذلك السويد، على عكس أوكرانيا التي اعتمدت بشدة على المعدّات والأنظمة السوفييتية .. وجنباً إلى جنب مع السويد، تمتلك فنلندا قوة بحرية في بحر البلطيق. وبصفتها خبيرة في حرب الطقس البارد، يمكنها إظهار قوتها في شمال القطب الشمالي، وهي منطقة ذات استراتيجية متزايدة الأهمية، إذ إنّ تغيّر المناخ يفتح ممرّات مائية جديدة.

وفي حين جرى الترحيب بخطوة فنلندا والسويد في العواصم الغربية "ما عدا تركيا حتى اليوم" سرعان ما دانتها موسكو، إذ هدّدت وزارة الخارجية الروسية بالرد المفاجئ. وسيكون انضمام البلدين إلى الحلف حدثاً مزعجاً لروسيا، ويمثل مجموعة من التحدّيات، لا سيما في الفضاء الإلكتروني الذي أصبح مجالاً واسعاً لأي صراع عسكري. وفي القطب الشمالي، إذ لدى روسيا مصالح استراتيجية، بالنظر إلى طرق الشحن الجديدة المحتملة.

ومن الواضح أنّ موسكو لن تترك هذه الإجراءات من دون ردّ، وستردّ بطريقة متناسقة. على سبيل المثال، ستزيد تجمع القوات في شمال غربي البلاد، كما ستعدّ أنواعاً إضافية من الأسلحة، وستبدأ المناورات والتدريبات العسكرية المتبادلة على الحدود. وكان مسؤولون روس قد حذّروا، في وقت سابق، من أنّ انضمام فنلندا والسويد إلى حلف الناتو سوف يدفع الكرملين إلى نشر أسلحة نووية إضافية في منطقة البلطيق.

والسؤال اليوم: إلى أي مدى يعدّ الانضمام لحلف الناتو ضرورياً حقاً للدول الاسكندنافية نفسها؟ وما هي الفوائد التي ستحققها؟ بالنظر إلى أنّه، في الواقع، لم يكن لديهم توتر مع موسكو، كما لا يمكن مقارنتهم بالحالة الأوكرانية.

المقال لا يعبّر عن رأي الوكالة وإنما يعبّر عن رأي كاتبه فقط

 

 
 
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 8