مخطط اسرائيلي لتوطين يهود أوكرانيين وروس بالضفة

2022.03.27 - 10:41
Facebook Share
طباعة

  من بعيد فقط ينظر إلى أرضه، أما أن يراها عن قرب فهذا ممنوع، وأن يطأها بقدمه فهو المستحيل بعينه، هكذا أصبح المواطن الفلسطيني الدكتور مصطفى الحاج علي (70 عاما) غريبا عن أرض آبائه وأجداده بعدما أصبحت مستوطنة تحل لكل أجنبي من دون صاحبها، حتى وإن كان مهاجرا يهوديا من أوكرانيا أو غيرها.

وفي الآونة الأخيرة ومنذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا قبل نحو شهر لم يكن هناك هم للحكومة الإسرائيلية سوى استجلاب اليهود من كلا البلدين وتوطينهم في دولة الاحتلال على حساب الفلسطينيين وأرضهم، ووصل حتى الآن أكثر من 3500 مهاجر يهودي من هناك.

أما المخطط له -حسب أيليت شاكيد وزير الداخلية الإسرائيلية- فهو الاستعداد لاستقبال 100 ألف يهودي أوكراني وروسي من أصل 800 ألف يعيشون في البلدين، وذلك بموجب "قانون العودة" (قانون الهجرة اليهودي الذي يسمح باستقبال اليهود فقط).

واللافت أنه رغم استقبال الجزء الأكبر من المهاجرين بالفنادق الإسرائيلية، فإنه تم نقل بعض العائلات إلى مستوطنات بالضفة الغربية، كمستوطنتي "يتسهار" و"رفافاه".

وأعلن رئيس مجلس المستوطنات بشمال الضفة الغربية يوسي دغان -عبر صفحته على الفيسبوك- قائلا "يتم الإعداد هذه الأيام لموجة استيطان جديدة بالضفة الغربية، عائلة بمستوطنة رفافاه و3 عائلات استوعبت في يتسهار".

السعي لتثبيت الحق
وتجثم "يتسهار" على أرض الحاج علي والمواطنين في بلدته حوارة قرب مدينة نابلس (شمالي الضفة الغربية) و5 قرى أخرى محيطة، وتصادر آلاف الدونمات (الدونم= ألف متر مربع)، منها أكثر من 20 دونما تعود لعائلة الحاج علي، وهو لم يزرها أبدا منذ أن أقيمت المستوطنة على أرضه مطلع ثمانينيات القرن الماضي عليها.

وكغيره من أهالي القرية، سمع الحاج علي خبر استقدام اليهود الأوكرانيين لمستوطنة يتسهار، فلم يتمالك نفسه وأخذ حقيبة الوثائق التي تثبت مليكته لأرضه وتوجه نحو المجلس البلدي -حيث التقته الجزيرة نت- ليؤكد حقه ويبحث عن سبيل يمكّنه وغيره من استعادة أرضه الواقعة داخل حدود المستوطنة.

ومنذ عودته عام 1980 إلى قرية حوارة بعد إنهاء دراساته العليا في الولايات المتحدة الأميركية، أخذ الحاج علي على عاتقه مهمة تطويب (تثبيت) أراضي عائلته في المؤسسات الرسمية وفي الحقب الثلاث "أردنيا وإسرائيليا وفلسطينيا"، ونجح في كثير وبقي بعضها بحاجة لاستكمال.

يقول الحاج علي -للجزيرة نت- إن هدفه من هذه الخطوة "تثبيت حقهم في الأرض"، وقد أخبر أولاده وأحفاده بذلك ليواصلوا دفاعهم عنها، ويؤكد إنه يتابع الملف قانونيا وعبر المحاكم الدولية، رغم إقراره بعدم إنصاف العالم "لكن لا خيار لنا بظل قمع الاحتلال والمستوطنين لنا خلال احتجاجاتنا السلمية".

ليس المهاجرون الجدد فقط بل "كل المستوطنين ودولة الاحتلال كلها، غير مرحب بهم ووجودهم مرفوض"، يضيف الحاج علي.

المستوطنات.. لا حدود لها
من قرية حوارة وحدها تسيطر "يتسهار" على نحو 10 آلاف دونم حسب المجلس البلدي، الذي أسعفنا بصورة جوية تظهر المد الاستيطاني الذي تمثل آخره في شارع "الطوق الأمني" الذي شقَّه الاحتلال حول المستوطنة لضم مزيد من الأرض.

ويقول الحاج علي -بينما يشير لأرضه على صورة جوية التقطت لمستوطنة "يتسهار"- إن الاحتلال لا يضع حدودا لمستوطناته لاستمرار تهويد الأرض.

وينص "قانون العودة" الذي أقرّه الكنيست الإسرائيلي بعد قيام إسرائيل على "حق يهود العالم بالهجرة إلى إسرائيل والاستقرار فيها"، قبل أن يعدّل عام 1970 ليشمل "ذوي الأصول اليهودية وأزواجهم".

ومثل "يتسهار"، استقبلت مستوطنة "رفافاه" قرب مدينة سلفيت (شمالي الضفة الغربية) عائلة يهودية أوكرانية حتى الآن، بينما تحرم عائلة المواطن عدنان أبو ناصر (61 عاما) من قرية دير إستيا من أرضها التي تجثم عليها المستوطنة منذ أكثر من 3 عقود وتصادر آلاف الدونمات.

ويقول أبو ناصر -للجزيرة نت- إنه "لأسباب أمنية وأغراض التوسع الديمغرافي والسكاني"، يضع الاحتلال يده على أرضه التي تقدر بأكثر من 20 دونما، وعلى 3 دونمات منها يشيد الاحتلال منشآت استيطانية.

الحرب لتكثيف الاستيطان
ولا يكتفي المواطن أبو ناصر بقوله بأن التوسع والزحف الاستيطاني في "رفافاه" لم يتوقف منذ إنشائها بالرغم من قلة تعداد سكانها (أقل من 2500 مستوطن)، بل يجزم بأن الحرب الروسية الأوكرانية "افتُعلت لتكثيف الاستيطان"؛ إذ تم "بناء العشرات من الوحدات الاستيطانية في رفافاه، وتركها فارغة لتكون جاهزة للهجرة".

ويرفض أبو ناصر توطين المهاجرين اليهود بأرضه أيا كانوا، ويقول بلهجته العامية: "يهود أوكرانيا، بولونيا، بلادهم أولى فيهم، يرجعوا عليها"، ويؤكد أنه -منذ تشييد المستوطنة- لم يترك وسيلة في متابعاته القانونية ومقاضاة الاحتلال بالمحاكم لاسترجاع أرضه.

وبُعيد اندلاع الحرب، حزم نفتالي بينيت رئيس الوزراء الإسرائيلي أمتعته وطار إلى روسيا، لتأمين نقل المهاجرين اليهود إلى إسرائيل.

والحديث الأولي -وفق مدير الخرائط بجمعية الدراسات العربية بالقدس خليل التفكجي- يجري عن استقبال 16 ألف يهودي أوكراني، وصولا إلى 100 ألف.

ويقول للجزيرة نت إن غالبيتهم الآن في مرحلة العبور ومنتشرين داخل المدن الإسرائيلية، لكن مآلهم سيكون بلا شك لمستوطنات الضفة كون أن "جزءا كبيرا من وحداتها الاستيطانية فارغ وسيتم تعبئتها بسهولة".

لماذا اليهود الأوكرانيون؟
وعبر هذا الاستقدام ليهود أوكرانيا، تريد إسرائيل تنفيذ مشروعها وتوطين "مليون مستوطن" بالضفة الغربية، وهو ما خططت له الوكالة اليهودية عام 1979، فنحو 750 ألف مستوطن يحتلون الآن الضفة والقدس.

كما أن علاقة القومية -يقول تفكجي- بين المهاجرين الجدد والسابقين من يهود روسيا وأوكرانيا الموجودين بإسرائيل تسهل عملية الدمج بالمجتمع الإسرائيلي، فاللغة الروسية هي الثانية بعد العبرية بإسرائيل، فضلا عن أن القادمين من المتعلمين وأصحاب الشهادات العليا.

وسبق لإسرائيل مطلع تسعينيات القرن الماضي وإبان تفكك الاتحاد السوفياتي أن استقبلت مليون مهاجر يهودي روسي، ومنهم الآن من يشغل مناصب مهمة بدولة الاحتلال مثل أفيغادور ليبرمان.

ولا يرى تفكجي في استقبال إسرائيل للمهاجرين أنه "تعاطف معهم أمام العالم" ويعد ذلك "ذرا للرماد بالعيون"، لأن إسرائيل تعمل وفق مصلحتها من الحرب التي تقتضي حماية اليهود.

المصدر : الجزيرة

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 10 + 10