ماذا أرادات واشنطن من التسبب بالغزو الروسي لأوكرانيا؟

2022.03.07 - 07:44
Facebook Share
طباعة

 ليست في الحروب خسائر فقط، ربما تحمل أيضا مكاسب سياسية  لمن يقفون وراء تلك الحروب أو وراء استمرارها، ومن منطلق الأزمة الروسية الأوكرانية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ربما تكون أكبر الرابحين في تلك الأزمة الدامية، فخلال الأسابيع القليلة الماضية شهدت مكانة واشنطن في الساحة السياسية الأوروبية تحولاً جذرياً نحو مزيد من التعزيز لدورها والتأييد لحضورها.


وجاء هذا التعزيز بعد سنوات حاولت فيها الذات العسكرية الأوربية إثبات وجودها بعيدا عن الولايات المتحدة، لكن الأزمة الحالية وحضور الثنائي الداعم لأوكرانيا في مواجهة النفوذ الروسي، يؤكد على أن تلك المساعي ما هي إلا أمنيات واهية.


وكشفت الأزمة الحالية عن أن الولايات المتحدة لا تزال الفاعل الوحيد، كما كشفت عن أن حلف الناتو لازال له الأفضلية وفوق أي أحلام تتحدث عن تحالف أوروبي منفصل عن الولايات المتحدة الأمريكية.


الجدير بالذكر أن هذه الأزمة الجيوسياسية الحالية والتهديد الروسي قد  أعطت قبلة الحياة لأشد البنود أهمية على أجندة واشنطن في أوروبا، وهو البند الوحيد الذي يجتمع عليه الفرقاء السياسيين في واشنطن رغم اختلافهم وهو: تفكيك خط أنابيب الغاز نورد ستريم 2 المكتمل بالفعل، والذي يمتد من روسيا إلى ألمانيا، والذي كان مقرر له أن يبدأ في نقل الغاز خلال أشهر قليلة.


إن مشروع نورد ستريم 2  الذي أقامته شركة غازبروم الروسية، عارضه الأمريكيون بجميع اتجاهاتهم السياسية وحاولوا إيقافه بشتى الطرق، حتى الترهيب والتهديد، ولم يمنعهم عن ذلك اقتراب المشروع من الاكتمال.


والآن، أصبح مشروع نورد ستريم 2 واحداً من أقوى الأدوات المتبقية للغرب للتأثير على صنع القرار الروسي عندما يتعلق الأمر باستكمال العمليات العسكرية الروسية على أوكرانيا التي تدعمها واشنطن والاتحاد الأوروبي.


حاولت ألمانيا خلال السنوات الماضية صد الضغوطات الأمريكية على هذا المشروع، وذلك لاحتياجها الدائم إلى إمدادات غاز من روسيا، رغم أنها الآن واحدة من أكبر مصدري الغاز الطبيعي المسال في العالم، ولا يمكن للولايات المتحدة أن تحل محل روسيا في هذا الدور كمورد رئيسي.


إلى جانب هذا تحاول واشنطن الاستفادة من الأزمة الأوكرانيَّة، والتي تتمثل في إبعاد روسيا عن منافذ البحار الدافئة مثل البحر الأسود وبحر قزوين وبحر البلطيق، وإعاقة الاتصال السياسي والاقتصادي بين روسيا والعالم.


وسعت روسيا خلال السنوات الماضية إلى تأمين وصوله للمياه الدافئة،  وتعد روسيا دولة شبه حبيسة على الرغم من أنها محاطة بـ13 بحراً متصلة بثلاثة محيطات، لكنها تبقى متجمدة معظم السنة، وتشترك في منافذ بحرية مع القوى الغربية والدول المتحالفة معها.


حيث يُعدّ ميناء فلاديفوستك الأهم ويقع في بحر اليابان شرقاً، وتطل غرباً على بحر البلطيق من خلال موانئ سانت بطرسبرغ وكاليننغراد، إضافة إلى منفذ البحر الأسود وصولاً إلى المتوسط عبر مضيق البوسفور، لكن معظم تلك المنافذ محاطة بأعضاء حلف شمال الأطلسي "ناتو"، العدو الأول لها، وهو ما يمكن أن يفسر الأزمة الراهنة والتحالف الأوروبي الأمريكي  مع أوكرانيا أمام روسيا.


الخلاصة أن واشنطن لا تتصور أبدا أم يكون هناك قوة أخرى يمكن أن تزاحمها في النفوذ على الساحة الدولية، وهناك قناعة بأنها لا تزال القوة العظمى الوحيدة في العالم. بالإضافة إلى ذلك فإن العقيدة العسكرية لكل من الولايات المتحدة و «ناتو» تضع روسيا في مصاف التهديدات الخطيرة التي يجب مواجهتها واخضاعها.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9