لماذا لم ترسل الولايات المتحدة قواتها إلى أوكرانيا؟

2022.03.01 - 01:29
Facebook Share
طباعة

رغم العقوبات التي أقرتها الولايات المتحدة الأمريكية على روسيا والتوعد بالمزيد من التضييق، على أثر الحرب التي شنتها على أوكرانيا، إلا أن أمريكا مازالت تتحفظ على نشر قوات تابعة لها على الأراضي الأوكرانية، الأمر الذي يطرح التساؤلات حول أسباب عدم اتخاذ هذا النهج الذي كثيرا ما لجأت إليه الإدارة الأمريكية على سبيل المثال ( العراق وأفغانستان).
من جانبها قالت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد، لشبكة CNN إن إدارة الرئيس جو بايدن أوضحت أن الولايات المتحدة لن "تضع جنودًا على الأرض". وأضافت: "لن نضع القوات الأمريكية في خطر".
لكن هناك عوامل أخرى تمنع دخول القوات الأمريكية إلى أوكرانيا، حيث قال بايدن لشبكة NBC الإخبارية إنها "ستكون حرب عالمية إذا بدأ الأمريكيون وروسيا إطلاق النار على بعضهم البعض". بعبارة أخرى، قد يؤدي دخول الولايات المتحدة في الصراع مباشرة إلى اندلاع حرب عالمية.
أما الجنرال المتقاعد مارك هيرتلنغ، محلل الأمن القومي والعسكري في CNN، قال إن "أساس الدبلوماسية هو الحد من احتمالات الحرب. ورغم أن الحرب الحالية من الغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا هي حرب مأساوية وفوضوية ومدمرة، فإنها لا تزال صراعا إقليميا".
وأضاف في تصريحاته الصحفية: ""إذا أرسل الناتو أو الولايات المتحدة قوات إلى أوكرانيا لمساعدتهم في محاربة الروس، فإن الديناميكية ستتحول إلى صراع متعدد الجنسيات له تداعيات عالمية محتملة بسبب وضع القوة النووية لكل من الولايات المتحدة وروسيا. وبسبب ذلك، فإن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، ودول أخرى حول العالم، تحاول التأثير في نجاح أوكرانيا وهزيمة روسيا من خلال تقديم أنواع أخرى من الدعم".
وأعلنت الولايات المتحدة عن نشر الآلاف من القوات في جميع أنحاء أوروبا، قبل وأثناء الغزو الروسي لأوكرانيا. وأفادت تقارير صحفية أمريكية بأن أكثر من 4 آلاف جندي من الجيش الأمريكي الذين كانوا في أوروبا على أساس مؤقت سيتم تمديد فترة خدمتهم الآن، على الأرجح لعدة أسابيع، كجزء من الجهود الأمريكية لطمأنة حلفائها في شرق أوروبا خلال الأزمة الحالية. لكن تلك القوات ليست هناك لمحاربة الروس. الأمر الذي أكده بايدن، في مؤتمر صحفي بالبيت الأبيض الخميس الماضي، قائلا:"إن القوات الأمريكية "لا ولن تشارك في صراع مع روسيا في أوكرانيا". وأضاف بايدن أن القوات الأمريكية مكلفة بالدفاع عن "حلفائنا في الناتو وطمأنة هؤلاء الحلفاء في الشرق. وكما أوضحت جيدا، ستدافع الولايات المتحدة عن كل شبر من أراضي الناتو بالقوة الكاملة للولايات المتحدة".
وتتخذ الولايات المتحدة الأمريكية عدد من المسارات في التعامل مع تطورات الأزمة الأوكرانية، من بينها فرض مزيد من العقوبات على روسيا وحلفائها من بينها معاقبة بنوك وأفراد من النخبة الروسية، بالإضافة إلى العقوبات على بنك "في اي بي"، و"برومسفياز" بنك الروسيين.
ورغم ذلك، يشكك العديد من المسئولين الأمريكيين والحاليين في نجاح العقوبات الأمريكية في تغيير السلوك الروسي، حيث تدفع بعض الحجج إلى أن العقوبات الأمريكية في المقابل ترغم الخصوم على تعزيز سلوكهم غير المرغوب فيه، فضلاً عن أن العقوبات الأمريكية على قطاع الطاقة الروسي ستعرض الاقتصاد الأمريكي، وجهود الإدارة لتعافي الاقتصاد من تبعات الجائحة، وكذلك الاقتصاد العالمي، لمزيد من الأزمات مع ارتفاع أسعار النفط، والتي تجاوزت 100 دولار للبرميل في أعقاب الهجوم، وهو الأعلى منذ سبع سنوات، بجانب ارتفاع أسعار العديد من السلع الأخرى. وهناك توقعات بأن العقوبات الأمريكية سترفع أسعار النفط إلى 140دولار للبرميل، وهي زيادة سيستفيد منها الاقتصاد الروسي.
ولا تخطط الولايات المتحدة لإرسال قوات عسكرية لأوكرانيا، حيث أنها ليست عضواً في حلف "الناتو"، ولذلك لا تنطبق عليها المادة الخامسة من ميثاق الحلف التي تقضي بتحريك الدول الأعضاء لقواتها للدفاع عن أحد الأعضاء في حال تعرضه لعدوان عسكري. ويأتي اهذا القرار متوافقا مع غالبية الأمريكيين عدم انخراط الإدارة الأمريكية في الصراع العسكري في أوكرانيا.
فقد أظهرت نتائج استطلاع أجرته شبكة "سي بي إس نيوز/ يوجوف" خلال الفترة 8-11 فبراير الجاري أن 53٪ من الأمريكيين يقولون إنه يجب على الولايات المتحدة البقاء بعيداً عن الصراع من خلال عدم الانحياز إلى أوكرانيا أو روسيا، بينما قال 43٪ إن الولايات المتحدة يجب أن تدعم أوكرانيا. ويقود الجمهوريون والمستقلون التيار الذي يدعو إلى أن تكون الولايات المتحدة بعيدة عن الصراع، بينما يدعو الديمقراطيون إلى ضرورة أن تقف الولايات المتحدة إلى جانب أوكرانيا، بما يعني أن الأمريكيين يدعمون العقوبات الاقتصادية ضد روسيا مقابل إرسال مساعدات عسكرية إلى أوكرانيا في حالة الغزو الروسي.
إلى جانب هذا هناك العديد من التحديات أمام الإدارة الأمريكية، تجعلها لا تستطيع التدخل العسكري أمام روسيا على الأقل في الوقت الحالي من بينها:"
عدم قدرة تحمل المواطنين الأمريكيين تبعات الحرب الروسية الاقتصادية، تصاعد حدة الانتقادات الجمهورية للرئيس بايدن، احتمال تعرض المؤسسات الأمريكية لهجمات إلكترونية روسية" بحسب تقرير أعده مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
ويرى المركز أن الإدارة الأمريكية تسير على نهج الردع في التعامل مع العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا سواء من خلال رفع السرية عن المعلومات الاستخباراتية حول "الغزو الروسي"، أو فرض مزيد من العقوبات الاقتصادية الشاملة على موسكو.
موضحا أنه سيكون لنجاح أو إخفاق التعامل الأمريكي مع الغزو العسكري الروسي لأوكرانيا تداعيات على صورة الولايات المتحدة كقوة عالمية وقائدة للنظام الدولي تتحمل مسئولية قيادة المجتمع الدولي لصون الأمن والاستقرار الدوليين، ومدى التزام الولايات المتحدة بالدفاع عن حلفائها، ولا سيما بعد اهتزاز ثقتهم في الالتزامات الأمنية الأمريكية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 5 + 3