الفساد في لبنان… مرتبة متقدمة ومحاولات لإنقاذ الوضع

2022.01.26 - 11:58
Facebook Share
طباعة

مع معدل عام يبلغ 39 درجة من أصل 100 للعام الرابع على التوالي، لم يسجل أي بلد في المنطقة العربية تحسناً ملحوظاً على مؤشر مدركات الفساد لعام 2021.
فوفقًا لتقرير مؤشر مدركات الفساد الصادر عن منظمة الشفافية الدولية لعام 2021، لا يزال الفساد السياسي في المنطقة سببًا لعرقلة التقدم نحو مكافحة الفساد والطريق نحو الديموقراطية.
وحل لبنان في (المرتبة 24)، وتسبب ارتفاع مستويات الفساد السياسي في أزمات متعددة، ومنها الاحتجاجات المستمرة منذ تشرين الأول 2019 التي طالبت بإصلاحات منهجية، والتعامل مع تلك الاحتجاجات الواسعة النطاق من قبل المواطنين اللبنانيين بالاضطهاد والقمع الشديد للحقوق الأساسية من قبل السلطات، حتى مع فشل الطبقة السياسية اللبنانية في معالجة الأزمات المتفاقمة، وفق تقرير المنظمة.
ولذلك رأت المنظمة بأنه ليس من المفاجئ أن يتراجع لبنان، منخفضاً 6 نقاط (من المرتبة 30)، على مؤشر مدركات الفساد منذ عام 2012.
وبحسب منظمة الشفافية الدولية، فإن عدة قوانين صدرت خلال العامين الماضيين لم تصبح حتى قريبة من التنفيذ. كما يعاني لبنان أيضاً من أوجه قصور كبيرة في عمليات المشتريات العامة والشفافية المالية.
ففي حزيران 2021، وفي محاولة لاستعادة الثقة بالحكومة، تبنى البرلمان قانوناً جديداً للمشتريات العامة. لكن القانون احتوى على ثغرات مثيرة للقلق تسمح بعدم الإفشاء بالمعلومات وبتضارب المصالح و بإبقاء أسماء أصحاب الشركات مخفية، من بين ثغرات أخرى مثل عدم إعطاء دور لمنظمات المجتمع المدني.
من بين جميع الشركات في الملاذات الضريبية الآمنة في العالم التي تم الكشف عنها في تسريبات "أوراق باندورا"، تبين أن السياسيين ورجال الأعمال اللبنانيين يمتلكون العدد الأكبر منها – وهو عدد هائل يبلغ 346 شركة. وعلى الرغم من أن التسريبات ذكرت أسماء العديد من الشخصيات العامة والمكشوفة سياسياً، إلا أنه لم يتم إجراء أي تحقيق من قبل السلطات اللبنانية.
وفي وقت سابق رأت الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية–لا فساد، وهي الفرع اللبناني من منظمة الشفافية الدولية، في مؤتمر صحافي لإطلاق التقرير السنوي، أن "سلسلة القوانين الخاصة بمكافحة الفساد التي أقرها مجلس النواب، كقانون استعادة الأموال المتأتية عن جرائم الفساد، أو ما يعرف بالأموال المنهوبة، وقانون تعديل قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، وقانون مكافحة الفساد في القطاع العام، وإنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، قانون حماية كاشفي الفساد.. لم تطبّق بشكل فعّال، ما يُبرز ضرورة أن يقر مجلس الوزراء المراسيم التطبيقية الخاصة بها لتسيير تنفيذها".
وعدم الإقرار يعني بأن "تطبيق الإطار القانوني لمكافحة الفساد ما زال يشكّل تحدياً كبيراً في ظل عدم وجود الإرادة السياسية لمكافحة الفساد في القطاع العام".
وعلى مستوى قانون الشراء العام "فهو يشكّل نقلة نوعية لجهة حوكمة المناقصات العمومية وصرف المال العام، إلا أنه من الضروري استتباع هذا القانون بخطوات متعددة لتعزيز الضمانات ضد أي فساد قد يحصل ضمن إجراءات الشراء".
ولتعزيز الشفافية في ملف الشراء العام، أكدت الجمعية ضرورة "جمع وتحليل معلومات أصحاب الحقوق الاقتصادية للشركات، أي من الذي يملك فعلاً الشركات المتعاقدة مع الدولة". وثمّنت الجمعية أهمية "إشراك هيئات المجتمع المدني في الرقابة على إجراءات الشراء واعتماد أقصى معايير الشفافية ضمن إجراءات الشراء عبر تطبيق اختبار المصلحة العامة على المعلومات المستثناة من النشر، وعدم اعتماد الاستثناءات المطلقة، وذلك تطبيقاً لأحكام الدستور اللبناني والتزامات الدولة اللبنانية الدولية في هذا المجال".
الجدير بالذكر أنه عشية إصدار إطلاق "مؤشر مدركات الفساد للعام 2021" الذي يصدر عن منظمة الشفافية الدولية في كل عام بهدف الإعلان عن معدّلات الفساد على الصعيد العالمي وترتيب الدول فيها، ومن ضمنها لبنان، أمس الثلاثاء، عين مجلس الوزراء أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في لبنان.
وقد رحبت المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية في بيان، بـ"اقرار بند تعيين أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، بعد التئام مجلس الوزراء، في ظل تأزم مشاكل اللبنانيين واللبنانيات يوما بعد يوم".
وشددت المنظمة على أن "تعيين أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، يجب أن يكون فوريا كونه سيشكل خطوة أولى في مسار الإصلاح السياسي، كما أنه من الضروري أن يترافق مع إقرار سلة من القوانين الإصلاحية، مثل قانون استقلالية القضاء، وتطبيق استراتيجية مكافحة الفساد، بدءا من قانون الحق في الوصول إلى المعلومات، وقانون الشراء.
وعقّبت نائب رئيس اللجنة الوزارية لمكافحة الفساد ورئيسة اللجنة الفنية المعاونة المكلفة بمتابعة تنفيذ "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد"، وزيرة الدولة لشؤون التنمية الادارية نجلا رياشي عساكر، على تعيين أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد. فوصفتها بأنها خطوة تشكل اتجاها حكوميا ملموسا لناحية ترجمة الإصلاحات المنتظرة الى حقيقة على أرض الواقع. ولفتت إلى أن خطوات عديدة أخرى مطلوب القيام بها كي نتقدم الى حيث يجب أن يكون لبنان في مجال مكافحة الفساد.
واذ شددت على اهمية التصدي لخطر الفساد من اجل استعادة العافية الاقتصادية والاجتماعية وكسب الثقة المجتمعية والدولية، والسير نحو تحقيق التنمية المستدامة، رأت أن الهيئة تشكل رافعة أساسية من رافعات خطة التعافي. واكدت ان تفعيل الهيئة أمر محوري لتطبيق مجموعة كبيرة من القوانين التي تم إقرارها في السنوات الماضية في مجال الوقاية من الفساد ومكافحته. واوضحت ان انشاء الهيئة وتفعيلها التزام حرفي بما ورد في "الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد" وضرورة محورية من ضرورات تنفيذها كونها تضطلع بصلاحيات وقائية لمنع حدوث الفساد في القطاعين العام والخاص، وصلاحيات توعوية وتثقيفية، وصلاحيات تقصّي جرائم الفساد وملاحقتها ومتابعتها.
وأوضحت أن وجود الهيئة استجابة مباشرة لالتزامات الدولة بالمعايير الدولية في إطار "اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد" التي أصبح لبنان دولة طرفا فيها في عام 2009،اضافت "سأعمل مع زملائي الوزراء وكافة الجهات الرسمية والمدنية المعنية ومع أعضاء الهيئة من أجل الإسراع في إنجاز أنظمتها الداخلية والمالية وضمان أفضل شروط لتمكينها من تأدية المهام الموكلة إليها". 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 8 + 9