الدروس المستفادة من أفغانستان والخيارات الأمنية لدول الخليج

إعداد - رؤى خضور

2021.09.04 - 01:07
Facebook Share
طباعة

مع مغادرة آخر طائرة أمريكية مطار كابول وسط احتفالات بنيران طالبان، أظهر القادة في الخليج العربي على انسحاب الولايات المتحدة تحفظاً، وبدا على الحلفاء والخصوم على حد سواء أنهم لا يستطيعون الاعتماد على الولايات المتحدة.

لا أحد أعمى عن القوة العسكرية التي تمتلكها الولايات المتحدة، لكن لا ضامن لهذه القوة الأمنية، وعدم الموثوقية الأمريكية دفع القادة الشرق الأوسط إلى بدء حوار يهدف إلى حل، فالمشكلة الأساسية هي اعتماد العرب على الأجانب، وعندما يغير الأجانب سياساتهم يصبحون ضائعين.

والآن يحاول القادة العرب استباق موجة الأحداث قبل أن تنهار فوقهم، فبات الأعداء يتحاورون مع بعضهم، إذ بدأت إيران والسعودية الاجتماع في نيسان/أبريل، وتحاول الإمارات ومصر إصلاح العلاقات، واستضاف العراق يوم الأحد الماضي قمة جمعت خصوم المنطقة.

وفي منطقة تم تعليمها للتو درساً آخر في عدم موثوقية الولايات المتحدة، سيكون من المفيد أن تستكشف المنطقة قوة مصلحتها الذاتية وتدرس بدائلها.

وفي هذا السياق، يتحدث الصحافي الدكتور جيمس دورسي، عن الخيارات الأمنية الخليجية في ظل الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، فمن المرجح أن تراقب دول الخليج كيفية تعامل روسيا والصين مع الفراغ الأمني ​​المتصور والتهديدات الأمنية في أعقاب انسحاب الولايات المتحدة من المنطقة، والتفكير إلى أي درجة قد تكون روسيا والصين بديلين لمظلة أمنية أمريكية لم تعد موثوقة في الشرق الأوسط، كذلك فإن عدم يقين دول الخليج بشأن الولايات المتحدة سيدفعها إلى زيادة الاعتماد على الذات وتعزيز التحالفات الإقليمية.

هل تستطيع روسيا تهميش الولايات المتحدة في الشرق الأوسط؟

بحسب دورسي، لا شك أن روسيا، ثاني أكبر دولة مصدّرة للأسلحة في العالم، والصين ستسعدان ببيع الأسلحة واستغلال التصدعات في علاقة الخليج بالولايات المتحدة، لكن لا يملك أي منهما الإمكانيات أو القدرة على استبدال الولايات المتحدة كضامن لأمن الشرق الأوسط، ولم يمنع ذلك روسيا من توقيع اتفاقيات تعاون دفاعي الشهر الماضي مع السعودية ومصر دون الكشف عن تفاصيل، حتى بدت الاتفاقات محاولة سعودية ومصرية للتلويح بإصبع تحذير للولايات المتحدة، وفرصة لموسكو لغرز شوكة في عين واشنطن.

لكن الباحث الروسي في شؤون الشرق الأوسط، أليكسي كليبنيكوف، قال "بالنظر إلى العلاقات الاستراتيجية للسعودية مع الولايات المتحدة، فمن غير المرجح أن تتعاون الرياض عسكرياً مع موسكو بدرجة يمكن مقارنتها بالأمريكيين في أي وقت قريب".

وتابع "موسكو ليست لديها الرغبة ولا القدرة على أن تحل محل واشنطن كحليف رئيس للقاهرة والرياض، إنما هدفها استغلال الوضع من أجل زيادة صفقات السلاح في المنطقة ليس أكثر".

وقال بول سترونسكي، الباحث في مؤسسة كارنيجي في روسيا، أن على قادة الخليج الأخذ في الاعتبار أن سجل موثوقية روسيا ليس أفضل بكثير من سجل الولايات المتحدة، فقد فشلت روسيا في مساعدة أرمينيا في حربها ضد أذربيجان العام الماضي، كما أنها لم تتدخل لإنهاء أيام من العنف الطائفي في العام 2020 على الحدود بين أعضاء منظمة معاهدة الأمن الجماعي وقيرغيزستان وطاجيكستان.

اللعبة المستمرة للقوة الأمريكية

واليوم، أدت سيطرة طالبان على أفغانستان إلى تقليص خيارات الخليج في الوقت الذي تدرس فيه واشنطن فائدة الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط، ففي الخطاب الأخير الذي ألقاه جو بايدن الأسبوع الفائت، دفاعاً عن قراره بالانسحاب من أفغانستان، أصر بايدن على أن الولايات المتحدة ستتجنب لاحقاً أي حروب برية أو نشر قوات كبيرة، وبدلاً من ذلك ستركز على الاقتصاد والأمن السيبراني في منافستها مع روسيا والصين.

وقد وضعت مينا العريبي، رئيسة تحرير صحيفة The National، إصبعها على الفجوة بين توقعات الخليج والواقع كما صورها بايدن، فقالت "بين صانعي السياسة في الشرق الأوسط، هناك الآن فهم بأن الولايات المتحدة لم تعد تستثمر في الحفاظ على الاستقرار في الخارج ما لم تستفد مصالحها الوطنية".

وفي مقال بعنوان "أمريكا لم تعد استثنائية"، كتبت أن تعريف بايدن لمهمة الولايات المتحدة في أفغانستان بأنها "منع هجوم إرهابي على أمريكا" هو تركيز ضيق على مكافحة الإرهاب، وليس مكافحة التمرد أو بناء الدولة، ففي بلدان مثل ليبيا واليمن، حيث تستمر الصراعات وبناء الدولة أمر مفصلي، كانت واشنطن منقطعة عن المشاركة لأعوام.

الصين: تهديد للعبة الأمريكية؟

الخطر بالنسبة للولايات المتحدة هو أن الصين قد تثبت أنها أكثر مهارة في اللعب ضد بايدن، خاصة إذا تدهورت العلاقات بين بكين وواشنطن أكثر، فقد تستغل الصين الفراغ في منطقة الخليج، من خلال زيادة استثماراتها في المنطقة، وإغراق الأسواق ببضائعها، والأهم من ذلك كله دفع المنطقة، موطن احتياطيات النفط والغاز في العالم، إلى تسعير طاقتها بالرنمينبي الصيني بدلاً من الدولار الأمريكي، وهي خطوة، إذا نجحت، من شأنها أن تقوض ركيزة الولايات المتحدة كقوة عالمية. 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 9