بحث: سورية في الاعلام الامريكي (الحلقة 1 / 5)

2021.08.13 - 07:37
Facebook Share
طباعة

           نشرت صحيفة "Washington post" مقال للكاتب "Josh Rogin"، أعاد فيه محاولة البحث عن مفهوم وتصور استراتيجيَّة بايدن المتوقعة في سورية، حيث قال: "نصف عام مضى على إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، من دون أن تتوصَّل بعد إلى استراتيجيَّة لمعالجة النزاع في سورية، الذي مضى عليه 11 عاما"، وخلص الكاتب إلى أنَّ "المصالح الأميركية ترتبط الآن بهدفين مزدوجين: زيادة المساعدة الإنسانيَّة, والاحتفاظ بالتواجد العسكري الأميركي لمحاربة "داعش"([1])، وفي خضم تَعدُّد المصالح الأجنبيَّة في سورية، فإنَّ المهمَّة العسكريَّة الأميركيَّة قد تكون لها أهداف واسعة, تتجاوز بكثير قتال "داعش"، وأهمَّها فحص النوايا الروسيَّة، وهذا ما نقلته مجلَّة "politico" عن "Lara Seligman" الباحثة في مركز الدراسات الاستراتيجيَّة والدوليَّة، التي قالت إنَّ وجود القوَّات الأميركيَّة, يمنع الحكومة السوريَّة المدعومة من روسيا من الوصول إلى حقول النفط, والموارد الزراعيَّة شمال شرق سورية، ويعمل على إعاقة هدف إيران المتمثل في إنشاء ممر جغرافي يربط بين طهران ولبنان والبحر المتوسط, وأوضحت "Seligman" أنَّ "الحفاظ على القُدرة على عرقلة الجهود الإيرانيَّة لنقل الأسلحة إلى سورية, جزء مهم من الوجود الأميركي هناك، فإيران تستفيد من عدم الاستقرار المستمر"([2]).

          وتناول "فلورنس جوب"، المحلِّل السياسي في معهد الاتحاد الأوروبي للدراسات الأمنيَّة, الجيش العربي السوري, في تحليل له على موقع مؤسٍّسة "Iemed" للدراسات, وضع الجيش السوري, حيث أنَّه جزء من الحرب السوريَّة, لكن وأيضاً من التسوية المستقبليَّة, وأنَّه مع الحديث عن المباحثات والتسويات, فإنَّ معظم المقترحات الدوليَّة بخصوص الجيش تُشير إلى الطلب بعودته من المدن والمناطق السكنيَّة إلى ثكناته, حيث وضمَّت بعض الاقتراحات إنشاء مجلس عسكري مشترك مؤقَّت, من شأنه أن يُشرف على التداعيات المباشرة للنزاع, ويتولى المجلس المكوَّن من مقاتلين من الميليشيات والعسكريِّين المنشقِّين وضباط الجيش, الذين "لم تتلطَّخ أيديهم بدماءٍ سوريَّة" وتنسيق الأنشطة الأمنيَّة, بما في ذلك جمع الأسلحة ومراقبة وقف إطلاق النار, وإدارة الحدود, وحمايتها, ومكافحة الإرهاب, والإشراف على إعادة هيكلة قوة عسكريَّة جديدة, من شأنها، على المدى المتوسِّط ​​إلى الطويل، دمج مقاتلي الميليشيَّات السابقين.
          وأشارت المجموعة الثانية من المقترحات، التي قدَّمتها الأمم المتَّحدة، غامضة نسبيَّاً, تتعلَّق بنزع السلاح, والتسريح, وإعادة الإدماج "DDR", وكذلك إعادة إنشاء "جيش وطني قوي وموحد", مسؤول عن أمن الحدود ومكافحة الإرهاب والعنف، واقترح المبعوث الخاص دي ميستورا إنشاء لجنة مفاوضات "مواضيعيَّة" من شأنها تحديد الخطوط العريضة للجيش السوري في مرحلة ما بعد الصراع في العام 2015م، ثم لاحقًا "تحديد معايير جيش موحَّد ووطني ومحترف, ونزع السلاح، وتسريح الجماعات المسلَّحة وإعادة دمجها.
          لم تُصدر الحكومة السوريَّة أي بيان بشأن دور القوَّات المسلَّحة, في حالة ما بعد الصراع، وكانت مقترحات روسيا أقل اهتمامًا بالتغيير وأكثر اهتمامًا بالوضع الراهن, واقترحت ورقة روسيَّة أولى أنَّ مهام القائد العام للقوَّات المسلَّحة, سيحتفظ بها الرئيس السوري المنتخب، وهو عنصر تم تضمينه أيضًا في الاقتراح الروسي للدستور السوري, وصدرت بعد ذلك بعام بندًا جديدًا فقط من حيث اعترافها بالوحدات شبه العسكريَّة الكرديَّة كقوَّات عسكريَّة شرعيَّة في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد, وهو اقتراح رفضته الحكومة السوريَّة([3]).
          وناقش كل من "Mensur Akgün" مدير مركز الاتجاهات السياسية العالميَّة, ونائبته "Sylvia Tiryaki" في مركز "iemed" للدراسات, الوضع السوري, والاتجاهات المستقبليَّة لسورية, حيث تعقَّد الوضع بعد التدخُّلات العالميَّة, وتفاقم الأزمة الإنسانيَّة فيها, وتحدَّثت الورقة عن اللاعبين ذوي الأجندات المتنافسة وتعدُّدهم, ثم عرج إلى السيناريوهات المحتملة للتسوية السياسيَّة المستقبليَّة في سورية, وخلص التقرير إلى أنَّه سيتعيَّن على أيَّ تسوية سياسيَّة وحكومة انتقاليَّة لاحقة, أن تتعامل مع حقيقة أن سورية ستظل هشَّة لفترة طويلة, وسيحتاج الجهاز العسكري والأمني ​​أيضًا إلى تقييم وإصلاح شامل, وسيكون "نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج (DDR)" أساسيَّاً في بناء الدولة في سورية بعد الصراع, وإنَّ تشكيل حكومة ما بعد الصراع لمستقبل سورية مهمَّة مُرهقة للغاية, ويصعب تجاهل التشرذم داخل المعارضة السورية داخل وخارج سورية([4]).
 
 
أوَّلاً). درعا إلى الواجهة:
          تحدَّث تقرير موقع "ohchr" عن الأحداث الأخيرة في درعا, حث قال تصاعدت الأعمال العدائيَّة بين القوَّات الحكوميَّة, والجماعات المسلَّحة في نهاية تموز / يوليو، جاء ذلك في أعقاب أسابيع من التوتُّر المتزايد، فرضت خلالها الحكومة ضوابط أكثر صرامة على الطرق المؤدية إلى مدينة درعا البلد وخارجها، وهي معقل سابق للمعارضة، ومناطق أخرى للضغط على بعض عناصر الجماعات المسلَّحة للاستسلام وتسليم أسلحتهم, والانتقال إلى شمال سورية, حيث شن أعضاء جماعات المعارضة المسلَّحة هجمات مضادَّة على عدة مناطق في ريف محافظة درعا، وأفادت التقارير بأسر عشرات من جنود الحكومة, ووصف التقرير المواجهة بأنَّها الأخطر منذ العام 2018م, عندما بسطت القوَّات الحكوميَّة سيطرتها على درعا, بعد صفقات مصالحة مختلفة بوساطة روسيَّة([5]).
          بدوره تحدَّث "Sultan al Kanj" في "al monitor" عن تلك الاشتباكات, وقال, اقترحت اللجنة المركزيَّة، وهي هيئة مؤلَّفة من وجهاء ونشطاء إعلاميِّين, وقادة سابقين في الجيش السوري الحر، عرضًا على الحكومة السوريَّة, وقالت إنَّه في حال رفض الاقتراح, سِتخوض اللجنة حرباً, أو أي شكل آخر من أشكال المواجهة أو حتى مغادرة المنطقة, الاقتراح يتم بموجبه نشر أعضاء من اللواء الثامن المنحدرين من درعا البلد, في ثلاث نقاط عسكريَّة في درعا البلد, وجاءت المناوشات بعد فشل تلك المفاوضات, وخاصة بعد أن أتَّهَمَ قائد شرطة درعا "ضرار دندل" أعيان درعا بعدم الالتزام بتسليم جميع الأسلحة المتوسِّطة والخفيفة في المدينة, في إطار تسوية تم التوصل إليها العام 2018م, وبعد إطلاق نار على دوار الكرك, وجرح عناصر من القوات الحكوميَّة السوريَّة([6]).
 
يتبع...

[1]- https://www.washingtonpost.com/opinions/2021/07/29/bidens-syria-strategy-is-missing-action/
[2] - https://www.politico.com/news/2021/07/27/troops-to-stay-in-syria-biden-500848
Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 3 + 10