الصدام السعودي ـ الإماراتي: الاختبار الصعب

إعداد - رؤى خضور

2021.07.08 - 08:50
Facebook Share
طباعة

 لطالما كانت الإمارات حليفاً موثوقاً للسعودية داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إلا أن الشكوك بدأت مؤخراً حول استمرار التزام أبو ظبي تجاه المنظمة وسط الصدام بين الجانبين، ما دفع عديد من المحللين إلى اعتبار أن التحالف السعودي الإماراتي في مأزق خطير. 

لكن حقيقة الصدام تتجاوز أوبك وسياسات النفط والمنافسة الاقتصادية، وفي الواقع ينبع جزء كبير منه من تصميم الإمارات على رسم مسار مستقل في القضايا الإقليمية والدولية، وكشف الفجوات بين قادة هاتين القوتين. 

وأوضح سامي حمدي، مراسل المصلحة الدولية، أن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان "يعتبر أمراً مسلماً به أن السعودية هي القائد التلقائي أو الأخ الأكبر في المنطقة، في حين يرفض محمد بن زايد هذا الوضع، ويطمح من أجل أسبقية أكبر لمصالح الإمارات في المنطقة"، وفقاً لموقع TRT World.

يدور جوهر الخلاف حول حصص الإنتاج والأولويات الاقتصادية الوطنية، وتحاول السعودية والإمارات، أكبر ورابع أكبر منتجين في أوبك على التوالي، فصل اقتصاداتهما.

وكان الرأي القائل بأن الرياض لا تحترم دوماً سيادة جيرانها في دول مجلس التعاون الخليجي مشتركاً منذ أعوام عديدة بين المسؤولين الرسميين في أبو ظبي والكويت والدوحة ومسقط، لتبرز مؤخراً نقاط خلاف رئيسة متعلقة بالشؤون الإقليمية، كان أولها توقيع الإمارات مع الكيان الصهيوني على اتفاق أبراهام في العام الماضي، وظهر الخلاف حول ذلك في كانون الأول/ديسمبر 2020 عندما صرح الأمير السعودي تركي بن ​​فيصل في حوار المنامة في معهد الدراسات الإسماعيلية بتعليقات نارية أثارت بعض الاستغراب. 

إضافة إلى دعم أبو ظبي للمجلس الانتقالي الجنوبي في جنوب اليمن مخالفة بذلك سياسة الرياض المتمثلة بدعم حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي.

كذلك، فإن انضمام الإمارات إلى جانب روسيا في الاعتقاد بضرورة إعادة دمج دمشق مع العالم العربي، والتقارب بين أبو ظبي ودمشق في كانون الأول/ديسمبر 2018 كانتا نقطة خلاف جوهرية بين الرياض وأبو ظبي.

أخيراً، لا يخفى على أحد أن القيادة الإماراتية ليست مسرورة بنتائج قمة العلا في كانون الثاني/يناير 2021، التي أنهت الضغط على قطر الذي بدأ منتصف العام 2017.

بالتالي، مع هذا الصدام بين الجانبين في أوبك، فإن احتمال حدوث مزيد من التصعيد موجود . 

وفي هذا السياق، كتب بوبي غوش في صحيفة Bloomberg، في 7 تموز/يوليو، أن الجانبين سيجدان تسوية مؤقتة فيما يتعلق بالقضايا ذات الأهمية الإقليمية حتى عندما لا يكونا متفقين تماماً، إذ لم يُظهر السعوديون أي علامة خارجية على الغضب عندما قلصت الإمارات مشاركتها في حملتهم العسكرية المشتركة في اليمن، ولم يقم الإماراتيون بأي احتجاج رسمي عندما أنهى السعوديون حظرهم على قطر.

وفي خضم نزاع أوبك، أعلن السعوديون عن خطط لاستثمار 147 مليار دولار في النقل والخدمات اللوجستية لتحويل المملكة إلى مركز طيران عالمي، وسيشمل ذلك إنشاء شركة طيران دولية جديدة، ولن يمر هذا دون أن يؤثر على الإمارات، التي لديها مراكز طيران رئيسة في دبي وأبو ظبي، وسيكون هناك بلا شك عديد من نقاط الاحتكاك حول ذلك في الأعوام المقبلة. 

في غضون ذلك، أثار البعض في محيط محمد بن سلمان، وفقاً لمصادر قريبة من القصر، مخاوف من أن محمد بن زايد قد دفع المملكة العربية السعودية إلى مغامرات محفوفة بالمخاطر من أجل إنشاء درع يمكن للإمارات من خلاله تعزيز مكاسبها في جنوب اليمن،
في حين اضطرت السعودية لتحمل السمعة وأعباء الحرب المكلفة على اليمن، لتضمن أبو ظبي في النهاية موطئ قدم لها على طول الساحل اليمني الهام استراتيجياً عبر بديلها، المجلس الانتقالي الجنوبي.  

وذكر أندرياس كريج، في مقال له لصحيفة Middle East Eye، أن صعود الإمارات السريع وسط فراغ القوة الإقليمي الذي خلفته الولايات المتحدة أدى إلى ثقة أبو ظبي بعدم حاجتها لاتباع أي شخص، وتُظهر المواجهة المستمرة مع السعودية داخل أوبك أن أبوظبي واثقة من موقفها، ولن تتنازل عن مصالحها، حتى لو كان الأمر على حساب السعودية، كما هو الحال مع تجاهل أبو ظبي الصارخ لحصص إنتاج أوبك.

ويرى كريج أن طبيعة المنافسة تجعل من الصعب خلق مواقف مربحة للجانبين، وبما أن محمد بن سلمان يجلس الآن بقوة أكبر في مكان القيادة في الرياض، فإن فترة شهر العسل بين ولي العهد قد انتهت بالتأكيد.

ومع ذلك، بحسب الكاتب، مازالت علاقاتهم مدعومة بالتوافق الأيديولوجي بسبب المخاوف من الإسلام السياسي والإخوان المسلمين والمجتمع المدني، ويبقى أن نرى ما إذا كان هذا كافياً لمنع أزمة خليجية أخرى.

 

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 5