هل روسيا مستعدة لصراع مفتوح في سورية؟

إعداد - رؤى خضور

2021.05.16 - 09:41
Facebook Share
طباعة

 تبدو الحملة الروسية في سورية، من وجهة نظر استراتيجية، قضية مفتوحة، إذ هناك عديد من الدبلوماسيين الروس لا يرون الوضع في دمشق من منظور أبيض وأسود كما هو متوقع من الطرف "المخلّص"، إذ فشلت روسيا في إيقاف الحرب وتحقيق الغاية التي أعلنتها لدخول سورية، وفوق ذلك فإن أزمات الطاقة والغذاء التي تبدو دائمة في سورية تدحض مزاعم موسكو حول التعافي الاقتصادي للبلاد أو عودة كبار المستثمرين.

ومع ذلك، مازال هناك بصيص أمل بالنسبة لموسكو، إذ لم تعد الجهات الفاعلة الرئيسة في الشرق الأوسط في مواجهة مع موسكو، بل حتى أصبحت تتقرب منها وتسمح لها بالتدخل في الأزمات الإقليمية القائمة، وبدأت تطرح اقتراحات عن استعداد جامعة الدول العربية للترحيب بسورية مرة أخرى، ما عزز ثقة موسكو بنفسها، بغض النظر عن الأسباب الفعلية للقيام بذلك (المزعوم لاحتواء إيران).
وبالرغم من أن الاعتراف بدور روسيا مبالغ فيه في وسائل الإعلام، إلا أن موسكو بدأت تستغل هذه السمعة للاستفادة من العقود الاقتصادية أو التأثير على النخب الإقليمية، فقد أبرمت مع دمشق عقوداً طويلة الأجل في مجالي النفط والغاز والثروات المعدنية، فضلاً عن عقد تأجير مرفأ طرطوس لشركة روسية لمدة 49 عاماً، وتشير تقارير إلى أن روسيا تسعى حالياً إلى إنشاء قاعدة أخرى في مدينة كسب الساحلية شمالي اللاذقية، إضافة إلى عدد من المطارات في حمص وحماه تسيطر عليها روسيا بشكل كامل.

كما وقعت عقوداً في مجال الطاقة، في مدينة حمص، وعقداً آخر لإنشاء خط حديدي يصل مطار دمشق بمركز المدينة، وخلال الأعوام الماضية، عززت روسيا تواجدها في مطار حميميم في محافظة اللاذقية الساحلية على المتوسط غرباً، وقامت بتوسيع مساحته ليصبح أكبر قاعدة روسية في المنطقة، ووقعت على اتفاقية مع الحكومة السورية لاستخدامه متى شاءت دون أي إطار زمني.

لا شك أن الروس يدركون تماماً أهمية ترسيخ وجودهم في سورية عبر استئجار قواعد هناك لمدة طويلة، وأن العائد يستحق أن تضخ كل تلك النفقات، فالوصول إلى المياه الدافئة هو هدف روسي قديم منذ أعوام طويلة، ويبدو أن هذه الغاية مازالت حاضرة في السياسة الروسية.

ومن هنا جاء إحجام موسكو عن السعي لتسويات كبيرة بشأن الملف السوري، واقتصر تدخلها على استخدام ما يسمى بمناطق خفض التصعيد في سورية كوسيلة لقمع الجماعات المسلحة، كما تطرح روسيا أهمية القانون الدولي والأمم المتحدة كواجهة لاستبدال الحكومة الانتقالية باللجنة الدستورية ومنع الفرص لإيصال المساعدات إلى البلاد من خلال التحايل على دمشق، ومثل هذه الديناميكية المعقدة تخلق بعض الغرابة في العلاقات بين موسكو ودمشق خصوصاً بعد تصويت موسكو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لدعم تشكيل حكومة انتقالية.

وإذا وضعنا جانباً التكهنات التي لا أساس لها من الصحة حول إطلاق المجلس العسكري السوري الانتقالي وغيره من السيناريوهات الخيالية، فإن الوضع الحالي يفرض قيوداً على التغييرات الجوهرية في سورية، لذلك يبدو أن احتمال نشوب صراع مفتوح في سورية مازال كبيراً، وفي غضون ذلك، لا تتوقع روسيا أي مصالحة مع الغرب في ضوء الحالة المتردية الحالية للعلاقات بالنظر إلى التغييرات السياسية الأخيرة، أما بالنسبة للحوار بين روسيا ودول الخليج، فإن موسكو ترحب برغبة هذه الأطراف في البحث عن خيارات لاحتواء إيران وتركيا.

باختصار، فإن الموقف الروسي متناقض، وتفتقر موسكو إلى حوافز لإنهاء الصراع السوري، وهذا يزيد من صعوبة الإجابة على السؤال حول من المستفيد الحقيقي من الأزمة السورية.

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 9 + 4