كواليس الحراك الروسي في الأزمة الحكومية اللبنانية

كتب جورج حايك

2021.04.22 - 06:16
Facebook Share
طباعة

 تحاول الديبلوماسية الروسية أن تسجّل خرقاً في جدار الأزمة اللبنانية وتحديداً الملف الحكومي الذي تستمر عقدته للشهر السادس على التوالي منذ تكليف الرئيس سعد الحريري بتأليف حكومة، وفشل كل اللقاءات التي جمعت رئيس الجمهورية ميشال عون والحريري في التوصّل إلى قواسم مشتركة، من هنا دخلت روسيا في المساعي، فالتقت وفداً لحزب الله برئاسة النائب محمد رعد ثم الحريري والآن تنتظر زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في 29 نيسان الجاري، فما هي كواليس المساعي الروسية التي تشهدها موسكو؟

يقول مستشار رئيس الجمهورية اللبنانية للشؤون الروسية أمل أبو زيد "أن روسيا لا تقوم بأي مبادرة إنما تأتي زيارة النائب باسيل أولاً في اطار مساعي الروس لبلورة رؤية خاصة بهم انطلاقاً من لقاءاتهم مع أطراف مؤثرة في الساحة السياسية اللبنانية، واستطلاع المشاكل التي تمنع التوصّل إلى حكومة جديدة، ثانياً الوقوف عند الأسباب الجوهرية للخلاف بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف حول صيغة الحكومة وكيفية توزيع الحقائب الوزارية، ويجرون مقاربة حول إذا كان دورهم يتلاءم مع المبادرة الفرنسية أو التنسيق معها".

وعن إمكانية الطلب من باسيل تسهيل الموضوع الحكومي يقول:"ما يمكنني تأكيده أن الروس لا يفعلون شيئاً يتناقض مع قناعات اللبنانيين، ولا يفرضون حلولاً جاهزة على أحد بل يتمنون فقط عكس الدول الأخرى التي تحاول فرض شروطها ومطالبها. هم يعرفون مفاصل السياسة اللبنانية وتعقيداتها إذ تربطهم علاقات جيدة مع كل الفرقاء اللبنانيين كالحريري ووليد جنبلاط ورئيس الجمهورية وحزب الله وغيره، ويعتبرون أنه لا يمكن أن يكون هناك غالب ومغلوب في البلد، ويعرفون أن هناك معايير لبنانية ومحاذير دولية وتأثيرات عربية وغربية على الشأن اللبناني".

ويؤكد أبو زيد "أن الملف الحكومي سيكون من الأولويات في المباحثات مع باسيل، إلا أن الروسي يعرف أن هناك تحركات كثيرة تحصل على صعيد المنطقة تبدأ من اليمن مروراً بسوريا وصولاً إلى فلسطين، ويبدو أن بعض الأزمات بدأت تتلمس طريقها إلى الحل، وروسيا مشاركة في هذا الحراك بطريقة مباشرة وغير مباشرة، وتتخوّف من أن يكون لبنان خارج هذه الحلول فيما هناك خريطة سياسية جديدة ترسم للمنطقة، وتعتبر الإدارة الروسية أنه من الأفضل أن يكون لبنان جالساً على الطاولة ومراقباً إذا لم يكن شريكاً فعلياً كي لا تنعكس عليه سلباً".

نسأل أبو زيد عن مدى التأثير الروسي في ظل التجاذبات بين قوتين رئيسيتين في لبنان هما ايران والولايات المتحدة الأميركية، فيجيب:"اؤكد أن الروس والايرانيين تربطهما علاقة ممتازة وينسقان خطواتهما في المفاصل السياسية الاقليمية وخصوصاً أن ايران تلعب دوراً أساسياً في منطقة الشرق الأوسط، ويتواجد الطرفان معاً في الساحة السورية، والجانب الايراني حريص على التنسيق مع الروسي في موضوع اجتماعات فيينا من خلال زيارة وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف إلى روسيا ولقائه وزير خارجيتها، وترى روسيا أن العودة إلى الاتفاق النووي بنسخة 2015 هو بداية الحلحلة للأزمة المستعصية بين أميركا وايران، وفي حال اتفق الطرفان حتماً سينعكس ذلك على كل أزمات المنطقة كاليمن والعراق وعلى المفاوضات السعودية الايرانية، وحتماً الروس يعتبرون أنهم يستطيعوا أن يستغلوا الوقت الضائع لمصلحتهم ولمصلحة الدول التي تتخبط في الأزمات كلبنان".

وعن زيارة وفد حزب الله إلى روسيا يقول ابو زيد:"هذه الزيارة كان لها علاقة بملفات سوريا واليمن ولبنان حتماً، وتطرق الروس مع الحزب إلى الموضوع الحكومي لإيمانهم بأن الحزب قادر أن يؤدي دوراً مسهلاً وكان التأكيد بأنه داعم لرئيس الحكومة المكلف ويساعده ضمن حدود لا تتجاوز موقع رئاسة الجمهورية، وهذا هو المعيار الأساسي".

نقول لأبو زيد أن فريق الرئيس الحريري يؤكد أن الروس يؤيدون شروط الرئيس الحريري وبالتالي لا يحبذون الثلث المعطل، فما رأيكم؟ يرد:"تيار المستقبل يسوّق هذا الأمر، مع ذلك، لم يذكر رئيس الجمهورية ولا التيار الوطني الحر شيئاً عن الثلث المعطل، ونتساءل في المقابل كيف يروّجون بأن رئيس الجمهورية يطالب بالثلث المعطل ويقوم الرئيس بالحريري بتسمية وزرائه وبعض الوزراء المسيحيين مما يسمح له بأكثر من الثلث المعطل، فهل هذا منطقي؟".

من جهة أخرى، يؤكد مستشار الرئيس الحريري للشؤون الروسية جورج شعبان "أنه ليس هناك مبادرة روسية، بل تقتصر على اتصالات مع كل الأطراف اللبنانية، واستقبالهم للحريري يعتبر دعماً له وتأكيداً على مساعيه الايجابية في الموضوع الحكومي، علماً أن لديهم فكرة واضحة عن الحكومة تتلاءم مع نظرة الحريري، أي أن تكون برئاسته من دون ثلث معطل لأحد، مؤلفة من وزراء اختصاصيين وتنال ثقة كل القوى السياسية في البرلمان".

ونسأله عن دعوة النائب جبران باسيل إلى روسيا، فيجيب شعبان:"الروس على علاقة مع كل الأطراف اللبنانية وهم دعوا حزب الله والتقوا الحريري والآن باسيل، ومن المتوقع أن يوجهوا دعوات لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وربما رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني طلال ارسلان وغيرهم. ولن يكون هناك طاولة حوار بإدارة الروس".

وعن طرح باسيل اشكالية حقوق المسيحيين على الروس، يقول:"نعتبر أن حقوق المسيحيين مصانة بالدستور اللبناني، وباسيل يضر بمصلحتهم في الدرجة الأولى، ونؤكد أن الروس يتكلمون مع القوى الدولية والاقليمية المؤثرة بالشأن اللبناني وخصوصاً الايرانيين ويلتقون معهم بالرؤية للملف الحكومي اللبناني، بحيث أنهم غير مستعدين للضغط على الرئيس عون، وهذا ما قله الوزير ظريف والنائب محمد رعد بعد زيارتهما إلى روسيا".

Facebook Share
طباعة عودة للأعلى
اضافة تعليق
* اكتب ناتج 2 + 6